فَإِنَّ جُمْلَتَيِ التَّفْصِيلِ هُمَا الْمَقْصُودُ، قَالَ تَعَالَى: وَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا نَجَّيْنا هُوداً وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا [هود: 58] وَقَالَ: فَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا نَجَّيْنا صالِحاً وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ.، وَقَدْ بَيَّنَّا فِي سُورَةِ هُودٍ كَيْفَ أَنْجَى اللَّهُ هُودًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ، وَصَالِحًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ.

وَقَوْلُهُ: (وَكانُوا يَتَّقُونَ) ، أَيْ كَانَ سُنَّتُهُمُ اتِّقَاءَ اللَّهِ وَالنَّظَرَ فِيمَا يُنْجِي مِنْ غَضَبِهِ وَعِقَابِهِ، وَهُوَ أَبْلَغُ فِي الْوَصْفِ مِنْ أَنْ يُقَالَ: وَالْمُتَّقِينَ.

[19- 21]

[سُورَة فصلت (41) : الْآيَات 19 الى 21]

وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْداءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ (19) حَتَّى إِذا مَا جاؤُها شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (20) وَقالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنا قالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (21)

وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْداءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ (19) حَتَّى إِذا مَا جاؤُها شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (20) وَقالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنا قالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ لَمَّا فَرَغَ مِنْ مَوْعِظَةِ الْمُشْرِكِينَ بِحَالِ الْأُمَمِ الْمُكَذِّبَةِ مِنْ قَبْلِهِمْ وَإِنْذَارِهِمْ بِعَذَابٍ يَحِلُّ بِهِمْ فِي الدُّنْيَا كَمَا حَلَّ بِأُولَئِكَ لِيَكُونَ لَهُمْ ذَلِكَ عِبْرَةً فَإِنَّ لِاسْتِحْضَارِ الْمُثُلِ وَالنَّظَائِرِ أَثَرًا فِي النَّفْسِ تَعْتَبِرُ بِهِ مَا لَا تَعْتَبِرُ بِتَوَصُّفِ الْمَعَانِي الْعَقْلِيَّةِ، انْتَقَلَ إِلَى إِنْذَارِهِمْ بِمَا سَيَحِلُّ بِهِمْ فِي الْآخِرَةِ فَجُمْلَةُ وَيَوْمَ نَحْشُرُ أَعْداءُ اللَّهِ الْآيَاتِ، مَعْطُوفَةٌ عَلَى جُمْلَةِ فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صاعِقَةً [فصلت: 13] الْآيَاتِ. وَالتَّقْدِيرُ: وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ نَحْشُرُ أَعْدَاءَ اللَّهِ إِلَى النَّارِ. وَدَلَّ عَلَى هَذَا الْمُقَدَّرِ قَوْلُهُ: أَنْذَرْتُكُمْ صاعِقَةً إِلَخْ، أَيْ وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ عِقَابِ الْآخِرَةِ.

وَأَعْدَاءُ اللَّهِ: هُمْ مُشْرِكُو قُرَيْشٍ لِأَنَّهُمْ أَعدَاء رَسُوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ تَعَالَى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ [الممتحنة: 1] يَعْنِي الْمُشْرِكِينَ لِقَوْلِهِ بَعْدَهُ:

يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ [الممتحنة: 1] ، وَلِأَنَّهَا نَزَلَتْ فِي قَضِيَّةِ كِتَابِ حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ إِلَى قُرَيْشٍ يُعْلِمُهُمْ بتهيّؤ النبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِغَزْوِ مَكَّةَ وَلِقَوْلِهِ فِي آخِرِ هَذِهِ الْآيَاتِ ذلِكَ جَزاءُ أَعْداءِ اللَّهِ [فصلت: 28] بَعْدَ قَوْلِهِ وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ [فصلت: 26] .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015