وَالتَّنْبِيهُ عَلَى دَلَائِلِ تَفَرُّدِ اللَّهِ تَعَالَى بِالْإِلَهِيَّةِ إِجْمَالًا.
وَإِبْطَالُ عِبَادَةِ مَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ. وَالتَّذْكِيرُ بِنِعَمِ اللَّهِ عَلَى النَّاسِ لِيَشْكُرَهُ الَّذِينَ أَعْرَضُوا عَنْ شُكْرِهِ. وَالِاسْتِدْلَالُ عَلَى إِمْكَانِ الْبَعْثِ. وَإِنْذَارُهُمْ بِمَا يَلْقَوْنَ مِنْ هَوْلِهِ وَمَا يَتَرَقَّبُهُمْ مِنَ الْعَذَابِ، وَتَوَعُّدُهُمْ بِأَنْ لَا نَصِيرَ لَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَبِأَن كبراءهم يتبرؤون مِنْهُمْ. وَتَثْبِيتُ اللَّهِ رَسُولَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَحْقِيقِ نَصْرِ هَذَا الدِّينِ فِي حَيَاتِهِ وَبَعْدَ وَفَاتِهِ. وَتَخَلَّلَ ذَلِكَ الثَّنَاءُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَوَصْفُ كَرَامَتِهِمْ وَثَنَاءُ الْمَلَائِكَةِ عَلَيْهِمْ.
وَوَرَدَ فِي فَضْلِ هَذِهِ السُّورَةِ الْحَدِيثُ الَّذِي
رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ قَرَأَ حم الْمُؤْمِنِ إِلَى إِلَيْهِ الْمَصِيرُ [غَافِر: 1، 3] وَآيَةَ الْكُرْسِيِّ حِينَ يُصْبِحُ حُفِظَ بِهِمَا حَتَّى يُمْسِيَ، وَمَنْ قَرَأَهُمَا حِينَ يُمْسِي حُفِظَ بِهِمَا حَتَّى يصبح»
. [1]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
حم (1)
الْقَوْلُ فِيهِ كَالْقَوْلِ فِي نَظَائِرِهِ مِنَ الْحُرُوفِ الْمُقَطَّعَةِ فِي أَوَائِلِ السُّوَرِ، وَأَنَّ مُعْظَمَهَا وَقَعَ بَعْدَهُ ذِكْرُ الْقُرْآنِ وَمَا يُشِيرُ إِلَيْهِ لِتَحَدِّي الْمُنْكِرِينَ بِالْعَجْزِ عَنْ مُعَارَضَتِهِ. وَقَدْ مَضَى ذَلِكَ فِي أَوَّلِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ وَذَكَرْنَا هُنَالِكَ أَنَّ الْحُرُوفَ الَّتِي أَسْمَاؤُهَا مَمْدُودَةُ الْآخِرِ يُنْطَقُ بِهَا فِي هَذِهِ الْفَوَاتِحِ مَقْصُورَةً بِحَذْفِ الْهَمْزَةِ تَخْفِيفًا لِأَنَّهَا فِي حَالَةِ الْوَقْفِ مِثْلُ اسْمِ (حَا) فِي هَذِهِ السُّورَةِ وَاسْمِ (رَا) فِي (الر) وَاسْمِ (يَا) فِي (يس) .
[2]
[سُورَة غَافِر (40) : آيَة 2]
تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (2)
الْقَوْلُ فِيهِ كَالْقَوْلِ فِي فَاتِحَةِ سُورَةِ الزُّمَرِ. وَيُزَادُ هُنَا أَنَّ الْمَقْصُودَ بِتَوْجِيهِ هَذَا الْخَبَرِ هُمُ الْمُشْرِكُونَ الْمُنْكِرُونَ أَنَّ الْقُرْآنَ مُنَزَّلٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ. فَتَجْرِيدُ الْخَبَرِ عَنِ