وَلَا كَانَتْ لَهَا الرَّوْعَةُ الَّتِي تُحِسُّ بِهَا وَيَرُوقُكَ مَوْرِدُهَا عَلَى نَفْسِكَ وَطَبْعِكَ إِلَّا لِمَجِيئِهَا عَلَى طَرِيقَةِ التَّمْثِيلِ» .

وَاعْلَمْ أَنَّ فِي اخْتِيَارِ هَذَا التَّمْثِيلِ الْبَدِيعِ مَعْنًى بَدِيعًا مِنَ الْإِيمَاءِ إِلَى أَنَّ الْعَذَابَ الَّذِي وُعِدُوهُ هُوَ مَا أَصَابَهُمْ يَوْمَ بَدْرٍ مِنْ قَتْلٍ وَأَسْرٍ عَلَى طَريقَة التورية.

[178- 179]

[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 178 إِلَى 179]

وَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ (178) وَأَبْصِرْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ (179)

عَطْفٌ عَلَى جُمْلَةِ فَإِذا نَزَلَ بِساحَتِهِمْ [الصافات: 177] الْآيَةَ لِأَنَّ مَعْنَى الْمَعْطُوفِ عَلَيْهَا الْوَعْدُ بِأَنَّ اللَّهَ سَيَنْتَقِمُ مِنْهُمْ فَعَطَفَ عَلَيْهِ أمره رَسُوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنْ لَا يَهْتَمَّ بِعِنَادِهِمْ.

وَهَذِهِ نَظِيرُ الَّتِي سَبَقَتْهَا الْمُفَرَّعَةِ بِالْفَاءِ فَلِذَلِكَ يَحْصُلُ مِنْهَا تَأْكِيدُ نَظِيرَتِهَا، عَلَى أَنَّهُ قَدْ

يَكُونُ هَذَا التَّوَلِّي غَيْرَ الْأَوَّلِ وَإِلَى حِينٍ آخَرَ وَإِبْصَارٍ آخَرَ، فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ تَوَلٍّ عَمَّنْ يَبْقَى مِنَ الْمُشْرِكِينَ بَعْدَ حُلُولِ الْعَذَابِ الَّذِي اسْتُعْجِلُوهُ، فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ حِينًا مِنْ أَوْقَاتِ الدُّنْيَا فَهُوَ إِنْذَارٌ بِفَتْحِ مَكَّةَ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ إِلَى حِينٍ مِنْ أَحْيَانِ الْآخِرَةِ، وَإِنَّمَا جَعَلَ ذَلِكَ غَايَةً لتولي النبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهُمْ لِأَنَّ تَوَلِّيَهُ الْعَذَابَ عَنْهُمْ غَايَةٌ لتولي النبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهُمْ لِأَنَّ تَوَلِّيَهُ عَنْهُمْ مُسْتَمِرٌّ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ فَإِنَّ مُدَّةَ لحاق النبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالرَّفِيقِ الْأَعْلَى لَمَّا كَانَتْ مُتَّصِلَةً بِتَوَلِّيهِ عَنْهُمْ جُعِلَتْ تِلْكَ الْمُدَّةُ كَأَنَّهَا ظَرْفٌ لِلتَّوَلِّي يَنْتَهِي بِحِينِ إِحْضَارِهِمْ لِلْعِقَابِ، فَيكون قَوْله:

حَتَّى حِينٍ مُرَادًا بِهِ الْأَبَدُ.

وَحُذِفَ مَفْعُولُ وَأَبْصِرْ فِي هَذِهِ الْآيَةِ لِدَلَالَةِ مَا فِي نظيرها عَلَيْهِ.

[180- 182]

[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 180 إِلَى 182]

سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ (180) وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ (181) وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (182)

خطاب النبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَذْيِيلًا لِخِطَابِهِ الْمُبْتَدَأِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: فَاسْتَفْتِهِمْ أَلِرَبِّكَ الْبَناتُ [الصافات: 149] الْآيَةَ. فَإِنَّهُ خُلَاصَةٌ جَامِعَةٌ لِمَا حَوَتْهُ مِنْ تَنْزِيهِ اللَّهِ وَتَأْيِيدِهِ رُسُلَهُ. وَهَذِهِ الْآيَةُ فَذْلَكَةٌ لِمَا احْتَوَتْ عَلَيْهِ السُّورَةُ مِنَ الْأَغْرَاضِ جَمَعَتْ تَنْزِيهَ اللَّهِ وَالثَّنَاءَ عَلَى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015