بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
أَشْهَرُ أَسْمَائِهَا «سُورَةُ النَّمْلِ» . وَكَذَلِكَ سُمِّيَتْ فِي «صَحِيح البُخَارِيّ» و «جَامع التِّرْمِذِيِّ» . وَتُسَمَّى أَيْضًا «سُورَةُ سُلَيْمَانَ» ، وَهَذَانِ الِاسْمَانِ اقْتَصَرَ عَلَيْهِمَا فِي «الْإِتْقَانِ» وَغَيْرِهِ.
وَذَكَرَ أَبُو بَكْرِ ابْن الْعَرَبِيِّ فِي «أَحْكَامِ الْقُرْآنِ» أَنَّهَا تُسَمَّى «سُورَةَ الْهُدْهُدِ» . وَوَجْهُ الْأَسْمَاءِ الثَّلَاثَةِ أَنَّ لَفْظَ النَّمْلِ وَلَفْظَ الْهُدْهُدِ لَمْ يُذْكَرَا فِي سُورَةٍ مِنَ الْقُرْآنِ غَيْرِهَا، وَأَمَّا تَسْمِيَتُهَا «سُورَةَ سُلَيْمَانَ» فَلِأَنَّ مَا ذُكِرَ فِيهَا مِنْ مُلْكِ سُلَيْمَانَ مُفَصَّلًا لَمْ يُذْكَرْ مِثْلُهُ فِي غَيْرِهَا.
وَهَذِهِ السُّورَةُ مَكِّيَّةٌ بِالِاتِّفَاقِ كَمَا حَكَاهُ ابْنُ عَطِيَّةَ وَالْقُرْطُبِيُّ وَالسُّيُوطِيُّ وَغَيْرُ وَاحِدٍ.
وَذَكَرَ الْخَفَاجِيُّ أَنَّ بَعْضَهُمْ ذَهَبَ إِلَى مَكِّيَّةِ بَعْضِ آيَاتِهَا (كَذَا وَلَعَلَّهُ سَهْوٌ صَوَابُهُ مَدَنِيَّةُ بَعْضِ آيَاتِهَا) وَلَمْ أَقِفْ عَلَى هَذَا لِغَيْرِ الْخَفَاجِيِّ.
وَهِيَ السُّورَةُ الثَّامِنَةُ وَالْأَرْبَعُونَ فِي عِدَادِ نُزُولِ السُّوَرِ، نَزَلَتْ بَعْدَ الشُّعَرَاءِ وَقَبْلَ الْقَصَصِ. كَذَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ.
وَقَدْ عُدَّتْ آيَاتُهَا فِي عَدَدِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَكَّةَ خَمْسًا وَتِسْعِينَ، وَعِنْدَ أَهْلِ الشَّامِ وَالْبَصْرَةِ وَالْكُوفَةِ أَرْبَعًا وَتِسْعِينَ.
أَوَّلُ أَغْرَاضِ هَذِهِ السُّورَةِ افْتِتَاحُهَا بِمَا يُشِيرُ إِلَى إِعْجَازِ الْقُرْآنِ بِبَلَاغَةِ نَظْمِهِ وَعُلُوِّ مَعَانِيهِ، بِمَا يُشِيرُ إِلَيْهِ الْحَرْفَانِ الْمُقَطَّعَانِ فِي أَوَّلِهَا.