لِسَيِّدِ الْأَمَةِ، وَأَنَّهَا شكته إِلَى النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ.

وَقَالُوا إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَيٍّ كَانَ قَدْ أَعَدَّ مُعَاذَةَ لِإِكْرَامِ ضُيُوفِهِ فَإِذَا نَزَلَ عَلَيْهِ ضَيْفٌ أَرْسَلَهَا إِلَيْهِ لِيُوَاقِعَهَا إِرَادَةَ الْكَرَامَةِ لَهُ. فَأَقْبَلَتْ مُعَاذَةُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ فَشَكَتْ ذَلِكَ إِلَيْهِ فَذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ ذَلِك للنبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَرَ النَّبِيءُ أَبَا بَكْرٍ بِقَبْضِهَا فَصَاحَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ: مَنْ يَعْذُرُنَا مِنْ مُحَمَّدٍ يَغْلِبُنَا عَلَى مَمَالِيكِنَا. فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَةَ، أَيْ وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَتَظَاهَرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ بِالْإِسْلَامِ. وَجَمِيعُ هَذِهِ الْآثَارِ مُتَظَافِرَةٌ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ كَانَ بِهَا تَحْرِيمُ الْبِغَاءِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ الْمَالِكَاتِ أَمْرَ أَنْفُسِهِنَّ.

وَكَانَ بِمَكَّةَ تِسْعُ بَغَايَا شَهِيرَاتٍ يَجْعَلْنَ عَلَى بُيُوتِهِنَّ رَايَاتٍ مِثْلَ رَايَاتِ الْبَيْطَارِ لِيَعْرِفَهُنَّ الرِّجَالُ، وَهُنَّ كَمَا ذَكَرَ الْوَاحِدِيُّ: أُمُّ مَهْزُولٍ جَارِيَةُ السَّائِبِ الْمَخْزُومِيِّ، وَأُمُّ غَلِيظٍ جَارِيَةُ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ، وَحَيَّةُ الْقِبْطِيَّةُ جَارِيَةُ الْعَاصِي بْنِ وَائِلٍ، وَمُزْنَةُ جَارِيَةُ مَالِكِ بْنِ عُمَيْلَةَ بْنِ السَّبَّاقِ، وَجُلَالَةُ جَارِيَةُ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرَةَ، وَأُمُّ سُوِيدٍ جَارِيَةُ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ الْمَخْزُومِيِّ، وَشَرِيفَةُ جَارِيَةُ رَبِيعَةَ بْنِ أَسْوَدَ. وَقَرِينَةُ أَوْ قَرِيبَةُ جَارِيَةُ هِشَامِ بْنِ رَبِيعَةَ، وَقَرِينَةُ جَارِيَةُ هِلَالِ بْنِ أَنَسٍ. وَكَانَتْ بُيُوتُهُنَّ تُسَمَّى فِي الْجَاهِلِيَّةِ الْمَوَاخِيرَ.

قُلْتُ: وَتَقَدَّمَ أَنَّ مِنَ الْبَغَايَا عِنَاقٌ وَلَعَلَّهَا هِيَ أُمُّ مَهْزُولٍ كَمَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُ الْقُرْطُبِيِّ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى: الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً [النُّور: 3] . وَلَمْ أَقِفْ عَلَى أَنَّ وَاحِدَةً مِنْ هَؤُلَاءِ اللَّاتِي كُنَّ بِمَكَّةَ أسلمت وَأما اللائي كُنَّ بِالْمَدِينَةِ فَقَدْ أَسْلَمَتْ مِنْهُنَّ مُعَاذَةُ وَمُسَيْكَةُ وَأُمَيْمَةُ، وَلَمْ أَقِفْ عَلَى أَسْمَاءِ الثَّلَاثِ الْأُخَرِ فِي الصَّحَابَةِ فَلَعَلَّهُنَّ هَلَكْنَ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمْنَ.

وَالْبِغَاءُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ كَانَ مَعْدُودًا مِنْ أَصْنَافِ النِّكَاحِ. فَفِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ أَنَّ النِّكَاحَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ كَانَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَنْحَاءٍ:

فَنِكَاحٌ مِنْهَا نِكَاحُ النَّاسِ الْيَوْمَ يَخْطُبُ الرَّجُلُ إِلَى الرَّجُلِ وَلِيَّتَهُ أَوِ ابْنَتَهُ فَيُصْدِقُهَا ثُمَّ يَنْكِحُهَا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015