وَهَذَا الْكَلَامُ كِنَايَةٌ عَنْ عَدَمِ تَنَاهِي مَعْلُومَاتِ اللَّهِ تَعَالَى الَّتِي مِنْهَا تِلْكَ الْمَسَائِلُ الثَّلَاثُ الَّتِي سَأَلُوا عَنْهَا النبيء صلّى الله عَلَيْهِ وَآله وسلّم فَلَا يَقْتَضِي قَوْلُهُ: قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِماتُ رَبِّي أَنَّ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ تَعَالَى نَفَادًا كَمَا عَلِمْتَهُ.

وَجُمْلَةُ وَلَوْ جِئْنا بِمِثْلِهِ مَدَداً فِي مَوْضِعِ الْحَال.

ولَوْ وصيلة، وَهِيَ الدَّالَّةُ عَلَى حَالَةٍ هِيَ أَجْدَرُ الْأَحْوَالِ بِأَنْ لَا يَتَحَقَّقَ مَعَهَا مُفَادُ الْكَلَامِ السَّابِقِ فَيُنَبَّهُ السَّامِعُ عَلَى أَنَّهَا مُتَحَقِّقٌ مَعَهَا مُفَادُ الْكَلَامِ السَّابِقِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَباً وَلَوِ افْتَدى بِهِ فِي سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ [91] ، وَهَذَا مُبَالَغَةٌ ثَانِيَةٌ.

وَانْتَصَبَ مَدَداً عَلَى التَّمْيِيزِ الْمُفَسِّرِ لِلْإِبْهَامِ الَّذِي فِي لفظ بِمِثْلِهِ، أَيْ مِثْلِ الْبَحْرِ فِي الْإِمْدَاد.

[110]

[سُورَة الْكَهْف (18) : آيَة 110]

قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً (110)

اسْتِئْنَافٌ ثَانٍ، انْتَقَلَ بِهِ مِنَ التَّنْوِيهِ بِسَعَةِ عِلْمِ اللَّهِ تَعَالَى وَأَنَّهُ لَا يُعْجِزُهُ أَنْ يُوحِيَ إِلَى رَسُولِهِ بِعِلْمِ كُلِّ مَا يَسْأَلُ عَنِ الْإِخْبَارِ بِهِ، إِلَى إِعْلَامِهِمْ بِأَنَّ الرَّسُولَ لَمْ يُبْعَثْ لِلْإِخْبَارِ عَنِ الْحَوَادِثِ الْمَاضِيَةِ وَالْقُرُونِ الْخَالِيَةِ، وَلَا أَنَّ مِنْ مُقْتَضَى الرِّسَالَةِ أَنْ يُحِيطَ عِلْمُ الرَّسُولِ بِالْأَشْيَاءِ فَيَتَصَدَّى لِلْإِجَابَةِ عَنْ أَسْئِلَةٍ تُلْقَى إِلَيْهِ، وَلَكِنَّهُ بَشَرٌ عِلْمُهُ كَعِلْمِ الْبشر أوحى الله إِلَيْهِ بِمَا شَاءَ إِبْلَاغَهُ عِبَادَهُ مِنَ التَّوْحِيدِ وَالشَّرِيعَةِ، وَلَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015