وَعَطْفُ الْقُرْآنَ عَلَى السَّبْعِ مِنْ عَطْفِ الْكُلِّ عَلَى الْجُزْءِ لِقَصْدِ التَّعْمِيمِ لِيَعْلَمَ أَنَّ إِيتَاءَ الْقُرْآنِ كُلِّهِ نِعْمَةٌ عَظِيمَةٌ.

وَفِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدِ بْنِ الْمُعَلَّى قَالَ: قَالَ النَّبِيءُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَالْقُرْآنُ الْعَظِيمُ الَّذِي أُوتِيتهُ»

عَلَى تَأْوِيلِهِ بِأَنَّ كَلِمَةَ «الْقُرْآنِ» مَرْفُوعَةٌ بِالِابْتِدَاءِ «والّذي أُوتِيتُهُ» خَبَرُهُ.

وَأُجْرِيَ وَصْفُ الْعَظِيمَ عَلَى الْقُرْآنِ تَنْوِيهًا بِهِ.

وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ بِالسَّبْعِ سُوَرًا كَمَا هُوَ مَرْوِيٌّ مِنْ قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَكَثِيرٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالسَّلَفِ وَاخْتَلَفُوا فِي تَعْيِينِهَا بِمَا لَا يَنْثَلِجُ لَهُ الصَّدْرُ، فَيَكُونُ إِبْهَامُهَا مَقْصُودًا لِصَرْفِ النَّاسِ لِلْعِنَايَةِ بِجَمِيعِ مَا نَزَلْ مِنْ سُوَرِ الْقُرْآنِ كَمَا أُبْهِمَتْ لَيْلَة الْقدر.

[88، 89]

[سُورَة الْحجر (15) : الْآيَات 88 إِلَى 89]

لَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى مَا مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَناحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ (88) وَقُلْ إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ (89)

اسْتِئْنَافٌ بَيَانِيٌّ لِمَا يُثِيرُهُ الْمَقْصُودُ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما إِلَّا بِالْحَقِّ [سُورَة الْحجر: 85] ، وَمِنْ تَسَاؤُلٍ يَجِيشُ فِي النَّفْسِ عَنِ الْإِمْلَاءِ لِلْمُكَذِّبِينَ فِي النِّعْمَةِ وَالتَّرَفِ مَعَ مَا رُمِقُوا بِهِ مِنَ الْغَضَبِ وَالْوَعِيدِ فَكَانَتْ جُمْلَةُ لَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ بَيَانًا لِمَا يَخْتَلِجُ فِي نَفْسِ السَّامِعِ مِنْ ذَلِكَ، وَلِكَوْنِهَا بِهَذِهِ الْمَثَابَةِ فُصِلَتْ عَنِ الَّتِي قَبْلَهَا فَصْلَ الْبَيَانِ عَنِ الْمُبَيَّنِ.

وَلَوْلَا أَنَّ الْجُمْلَةَ الَّتِي وَقَعَتْ قَبْلَهَا كَانَتْ بِمَنْزِلَةِ التَّمْهِيدِ لَهَا وَالْإِجْمَالِ لِمَضْمُونِهَا لَعُطِفَتْ هَذِهِ الْجُمْلَةُ لِأَنَّهَا تَكُونُ حِينَئِذٍ مُجَرَّدَ نَهْيٍ لَا اتِّصَالَ لَهُ بِمَا قَبْلَهُ، كَمَا عُطِفَتْ نَظِيرَتُهَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى فِي سُورَةِ طه [129- 131] : فَاصْبِرْ عَلى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِها وَمِنْ آناءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرافَ النَّهارِ لَعَلَّكَ تَرْضى وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى مَا مَتَّعْنا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015