يَنْتَظِرُ مِنْ ذَلِكَ ضِدَّ مَا يَحْصُلُ لَهُمْ، فَالْمَعِيَّةُ فِي أَصْلِ الِانْتِظَارِ لَا فِي الْحَاصِل بالانتظار. و (مَعَ) حَالٌ مُؤَكِّدَةٌ. ومِنَ الْمُنْتَظِرِينَ خَبَرُ (إِنَّ) وَمُفَادُهُ مُفَادُ (مَعَ) إِذْ مَا صدق الْمُنْتَظِرِينَ هُمُ الْمُخَاطَبُونَ الْمُنْتَظِرُونَ.
وثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنا عَطْفٌ عَلَى جُمْلَةِ: فَهَلْ يَنْتَظِرُونَ إِلَّا مِثْلَ أَيَّامِ الَّذِينَ خَلَوْا لِأَنَّ مِثْلَ تِلْكَ الْأَيَّامِ يَوْمُ عَذَابٍ. وَلَمَّا كَانُوا مُهَدَّدِينَ بِعَذَابٍ يَحُلُّ بِمَوْضِعٍ فِيهِ الرَّسُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُؤْمِنُونَ عَجَّلَ اللَّهُ الْبِشَارَةَ لِلرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّهُ يُنَجِّيهِمْ مِنْ ذَلِكَ الْعَذَابِ بِقُدْرَتِهِ كَمَا أَنْجَى الرُّسُلَ مِنْ قَبْلِهِ.
وَجُمْلَةُ: كَذلِكَ حَقًّا عَلَيْنا نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ تَذْيِيلٌ. وَالْإِشَارَةُ بِ كَذلِكَ إِلَى
الْإِنْجَاءِ الْمُسْتَفَادِ مِنْ ثُمَّ نُنَجِّي.
وحَقًّا عَلَيْنا جُمْلَةٌ مُعْتَرِضَةٌ لِأَنَّ الْمَصْدَرَ بُدِّلَ مِنَ الْفِعْلِ، أَيْ حَقَّ ذَلِكَ عَلَيْنَا حَقًّا.
وَجَعَلَهُ اللَّهُ حَقًّا عَلَيْهِ تَحْقِيقًا لِلتَّفَضُّلِ بِهِ وَالْكَرَامَةِ حَتَّى صَارَ كَالْحَقِّ عَلَيْهِ.
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ بِفَتْحِ النُّونِ الثَّانِيَةِ وَتَشْدِيدِ الْجِيمِ عَلَى وِزَانِ نُنَجِّي رُسُلَنا. وَقَرَأَ الْكِسَائِيُّ، وَحَفْصٌ عَنْ عَاصِمٍ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ بِسُكُونِ النُّونِ الثَّانِيَةِ وَتَخْفِيفِ الْجِيمِ مِنَ الْإِنْجَاءِ. فَالْمُخَالَفَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَظِيرِهِ الَّذِي قَبْلَهُ تَفَنُّنٌ، وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ.
وَكُتِبَ فِي الْمُصْحَفِ نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ بِدُونِ يَاءٍ بَعْدَ الْجِيمِ عَلَى صُورَةِ النُّطْق بهَا للاتقاء الساكنين.