وَمَعْنَى: ذَرَأَ أَنْشَأَ شَيْئًا وَكَثَّرَهُ. فَأُطْلِقَ عَلَى الْإِنْمَاءِ لِأَنَّ إِنْشَاءَ شَيْءٍ تَكْثِيرٌ وَإِنْمَاءٌ.

ومِمَّا ذَرَأَ مُتَعَلِّقٌ بِ جَعَلُوا، وَمن تَبْعِيضِيَّةٌ، فَهُوَ فِي مَعْنَى الْمَفْعُولِ، وَمَا مَوْصُولَةٌ، وَالْإِتْيَانُ بِالْمَوْصُولِ لِأَجْلِ دَلَالَةِ صِلَتِهِ عَلَى تَسْفِيهِ آرَائِهِمْ، إِذْ مَلَّكُوا اللَّهَ بَعْضَ مِلْكِهِ، لِأَنَّ مَا ذَرَأَهُ هُوَ مِلْكُهُ، وَهُوَ حَقِيقٌ بِهِ بِلَا جَعْلٍ مِنْهُمْ.

وَاخْتِيَارُ فِعْلِ: ذَرَأَ هُنَا لِأَنَّهُ الَّذِي يَدُلُّ عَلَى الْمَعْنَى الْمُرَادِ، إِذِ الْمَقْصُودُ بَيَانُ شَرَائِعِهِمِ الْفَاسِدَةِ فِي نَتَائِجِ أَمْوَالِهِمْ. ثُمَّ سَيُبَيِّنُ شَرْعَهُمْ فِي أُصُولِ أَمْوَالِهِمْ فِي قَوْلِهِ:

وَقالُوا هذِهِ أَنْعامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ [الْأَنْعَام: 138] الْآيَةَ.

ومِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعامِ بَيَانُ مَا الْمَوْصُولَةِ. وَالْحَرْثُ مُرَادٌ بِهِ الزَّرْعُ وَالشَّجَرُ، وَهُوَ فِي الْأَصْلِ مِنْ إِطْلَاقِ الْمَصْدَرِ عَلَى اسْمِ الْمَفْعُولِ، ثُمَّ شَاعَ ذَلِكَ الْإِطْلَاقُ حَتَّى صَارَ الْحَرْثُ حَقِيقَةً عُرْفِيَّةً فِي الْجَنَّاتِ وَالْمَزَارِعِ، قَالَ تَعَالَى: أَنِ اغْدُوا عَلى حَرْثِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صارِمِينَ [الْقَلَم: 22] .

وَالنَّصِيبُ: الْحَظُّ وَالْقِسْمُ وَتَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: أُولئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ [202] ، وَالتَّقْدِيرُ: جَعَلُوا لِلَّهِ نَصِيبًا وَلِغَيْرِهِ نَصِيبًا آخَرَ، وَفُهِمَ مِنَ السِّيَاقِ أَنَّ النَّصِيبَ الْآخَرَ لِآلِهَتِهِمْ. وَقَدْ أَفْصَحَ عَنْهُ فِي التَّفْرِيعِ بِقَوْلِهِ: فَقالُوا هَذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهذا لِشُرَكائِنا.

وَالْإِشَارَتَانِ إِلَى النَّصِيبِ الْمُعَيَّنِ لِلَّهِ وَالنَّصِيبِ الْمُعَيَّنِ لِلشُّرَكَاءِ، وَاسْمَا الْإِشَارَةِ مُشَارٌ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إِلَى أَحَدِ النَّصِيبَيْنِ عَلَى الْإِجْمَالِ إِذْ لَا غَرَضَ فِي الْمَقَامِ فِي تَعْيِينِ مَا جَعَلُوهُ لِلَّهِ وَمَا جَعَلُوهُ لِشُرَكَائِهِمْ.

وَالزَّعْمُ: الِاعْتِقَادُ الْفَاسِدُ، أَوِ الْقَرِيبُ مِنَ الْخَطَأِ، كَمَا تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015