- 756 -
شعر وَآيَة الإعجاز وتعلقه بِسُورَة أَو آيَات وَقد أَطَالَ فِي الحَدِيث عَن الإعجاز تَحت قَوْله {وَلنْ تَفعلُوا} .
وَقد جعل المُصَنّف الْمُقدمَة السَّادِسَة فِي الْقرَاءَات وَبَين فِيهَا سَبَب إعراضه عَن ذكر كثير من الْقرَاءَات فِي أثْنَاء التَّفْسِير. وَقَالَ رَحمَه الله:
(تَنْبِيه) أَنا أقتصر فِي هَذَا التَّفْسِير على التَّعَرُّض لاخْتِلَاف الْقرَاءَات الْعشْر الْمَشْهُورَة خَاصَّة فِي أشهر رِوَايَات الراوين عَن أَصْحَابهَا لِأَنَّهَا متواترة، وَإِن كَانَت الْقرَاءَات السَّبع قد امتازت على بَقِيَّة الْقرَاءَات بالشهرة بَين الْمُسلمين فِي أقطار الْإِسْلَام.
وأبني أول التَّفْسِير على قِرَاءَة نَافِع بِرِوَايَة عِيسَى بن مينا الْمدنِي الملقب بقالون لِأَنَّهَا الْقِرَاءَة المدنية إِمَامًا وراويًا وَلِأَنَّهَا الَّتِي يقْرَأ بهَا مُعظم أهل تونس، ثمَّ أذكر خلاف بَقِيَّة الْقُرَّاء الْعشْرَة خَاصَّة. وَلم يلْتَزم بِمَا قَالَ، بل أطنب إطنابا غَرِيبا فِي بعض الْمَوَاضِع وَمن ذَلِك قَوْله:
والصراط: الطَّرِيق وَهُوَ بالصَّاد وَالسِّين وَقد قرئَ بهما فِي الْمَشْهُورَة وَكَذَلِكَ نطقت بِهِ بِالسِّين جُمْهُور الْعَرَب إِلَّا أهل الْحجاز نطقوه بالصَّاد مبدلة عَن السِّين لقصد التَّخْفِيف فِي الِانْتِقَال من السِّين إِلَى الرَّاء ثمَّ إِلَى الطَّاء قَالَ فِي لطائف الإشارات عَن الجعبرى: إِنَّهُم يَفْعَلُونَ ذَلِك فِي كل سين بعْدهَا غين أَو خاء أَو قَاف أَو طاء وَإِنَّمَا قلبوها هُنَا صادًا لتطابق الطَّاء فِي الإطباق والاستعلاء والتفخم مَعَ الرَّاء استثقالا للانتقال من سفل إِلَى علو اهـ. أى بِخِلَاف الْعَكْس نَحْو طست لِأَن الأول عمل وَالثَّانِي ترك. وقيسٌ قلبوا السِّين بَين الصَّاد وَالزَّاي وَهُوَ إشمام وَقَرَأَ بِهِ حَمْزَة فِي رِوَايَة خلف عَنهُ. وَمن الْعَرَب من قلب السِّين زايًا خَالِصَة قَالَ الْقُرْطُبِيّ: وَهِي لُغَة عذرة وكلب وَبني الْقَيْن وَهِي مرجوحة وَلم يقْرَأ بهَا، وَقد قَرَأَ باللغة الفصحى (بالصَّاد) جُمْهُور الْقُرَّاء وَقَرَأَ بِالسِّين ابْن كثير فِي رِوَايَة قنبل، وَالْقِرَاءَة بالصَّاد هِيَ الراجحة لموافقتها