بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
تَقَدَّمَ عِنْدَ تَفْسِيرِ أَوَّلِ سُورَةِ الْفَلَقِ أَنَّ النَّبِيءَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمَّى سُورَةَ النَّاسِ: قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ وَتَقَدَّمَ فِي سُورَةِ الْفَلَقِ أَنَّهَا وَسُورَةَ النَّاسِ تُسَمَّيَانِ «الْمُعَوِّذَتَيْنِ» ، وَ «المشقشقتين» بِتَقْدِيم الشينين عَلَى الْقَافَيْنِ، وَتَقَدَّمَ أَيْضًا أَنَّ الزَّمَخْشَرِيّ والقرطبي ذكر أَنَّهُمَا تسميان «المقشقشين» بِتَقْدِيمِ الْقَافَيْنِ عَلَى الشِّينَيْنِ، وَعَنْوَنَهَا ابْنُ عَطِيَّةَ فِي «الْمُحَرِّرِ الْوَجِيزِ» «سُورَةَ الْمُعَوِّذَةِ الثَّانِيَةِ» بِإِضَافَةِ «سُورَةُ» إِلَى «الْمُعَوِّذَةِ» مِنْ إِضَافَةِ الْمَوْصُوفِ إِلَى الصِّفَةِ، وَعَنْوَنَهُمَا التِّرْمِذِيُّ «الْمُعَوِّذَتَيْنِ» ، وَعَنْوَنَهَا الْبُخَارِيُّ فِي «صَحِيحِهِ» «سُورَةَ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ» .
وَفِي مَصَاحِفِنَا الْقَدِيمَةِ وَالْحَدِيثَةِ الْمَغْرِبِيَّةِ وَالْمَشْرِقِيَّةِ تَسْمِيَةُ هَذِهِ السُّورَةِ «سُورَةَ النَّاسِ» وَكَذَلِكَ أَكْثَرُ كُتُبِ التَّفْسِيرِ.
وَهِيَ مَكِّيَّةٌ فِي قَوْلِ الَّذِينَ قَالُوا فِي سُورَةِ الْفَلَقِ إِنَّهَا مَكِّيَّةٌ، وَمَدَنِيَّةٌ فِي قَوْلِ الَّذِينَ قَالُوا فِي سُورَةِ الْفَلَقِ إِنَّهَا مَدَنِيَّةٌ. وَالصَّحِيحُ أَنَّهُمَا نَزَلَتَا مُتَعَاقِبَتَيْنِ، فَالْخِلَافُ فِي إِحْدَاهُمَا كَالْخِلَافِ فِي الْأُخْرَى.
وَقَالَ فِي «الْإِتْقَانِ» : إِنَّ سَبَبَ نُزُولِهَا قِصَّةُ سِحْرِ لَبِيدِ بْنِ الْأَعْصَمِ، وَأَنَّهَا نَزَلَتْ مَعَ «سُورَةِ الْفَلَقِ» وَقد سبقه إِلَى ذَلِكَ الْقُرْطُبِيُّ وَالْوَاحِدِيُّ، وَقَدْ عَلِمْتَ تَزْيِيفَهُ فِي سُورَةِ الْفَلَقِ.
وَعَلَى الصَّحِيحِ مِنْ أَنَّهَا مَكِّيَّةٌ فَقَدْ عُدَّتِ الْحَادِيَةَ وَالْعِشْرِينَ مِنَ السُّوَرِ، نَزَلَتْ عَقِبَ سُورَةِ الْفَلَقِ وَقَبْلَ سُورَةِ الْإِخْلَاصِ.