الْإِجْمَالِ، فَالتَّفْصِيلُ لِلْعِنَايَةِ بِالْخَبَرِ لِيَتَمَكَّنَ فِي ذِهْنِ السَّامِعِ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبابَ أَسْبابَ السَّماواتِ [غَافِر: 36] حِكَايَةً لِكَلَامِ فِرْعَوْنَ، وَقَوْلِ امْرِئِ الْقَيْسِ:
وَيَوْمَ دَخَلْتُ الْخِدْرَ خِدْرَ عُنَيْزَةٍ وَالرِّحْلَةُ بِكَسْرِ الرَّاءِ: اسْمٌ لِلِارْتِحَالِ، وَهُوَ الْمَسِيرُ مِنْ مَكَانٍ إِلَى آخَرَ بَعِيدٍ، وَلِذَلِكَ سُمِّيَ الْبَعِيرُ الَّذِي يُسَافَرُ عَلَيْهِ رَاحِلَةً.
وَإِضَافَةُ رِحْلَةٍ إِلَى الشِّتَاءِ مِنْ إِضَافَةِ الْفِعْلِ إِلَى زَمَانِهِ الَّذِي يَقَعُ فِيهِ فَقَدْ يَكُونُ الْفِعْلُ مُسْتَغْرِقًا لِزَمَانِهِ مِثْلَ قَوْلِكَ: سَهَرُ اللَّيْلِ، وَقَدْ يَكُونُ وَقْتًا لِابْتِدَائِهِ مِثْلَ صَلَاةِ الظُّهْرِ، وَظَاهِرُ
الْإِضَافَةِ أَنَّ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ مَعْرُوفَةٌ مَعْهُودَةٌ، وَهُمَا رِحْلَتَانِ. فَعَطَفَ وَالصَّيْفِ عَلَى تَقْدِيرِ مُضَافٍ، أَيْ وَرِحْلَةَ الصَّيْفِ، لِظُهُورِ أَنَّهُ لَا تَكُونُ رِحْلَةً وَاحِدَةً تُبْتَدَأُ فِي زَمَانَيْنِ فَتَعَيَّنَ أَنَّهُمَا رِحْلَتَانِ فِي زَمَنَيْنِ.
وَجَوَّزَ الزَّمَخْشَرِيُّ أَنْ يَكُونَ لَفْظُ رِحْلَةَ الْمُفْرَدُ مُضَافًا إِلَى شَيْئَيْنِ لِظُهُورِ الْمُرَادِ وَأَمْنِ اللَّبْسِ. وَقَالَ أَبُو حَيَّانَ: هَذَا عِنْدَ سِيبَوَيْهِ لَا يَجُوزُ إِلَّا فِي الضَّرُورَةِ.
والشِّتاءِ: اسْمٌ لِفَصْلٍ مِنَ السَّنَةِ الشَّمْسِيَّةِ الْمُقَسَّمَةِ إِلَى أَرْبَعَةِ فُصُولٍ. وَفَصْلُ الشِّتَاءِ تِسْعَةٌ وَثَمَانُونَ يَوْمًا وَبِضْعُ دَقَائِقَ مَبْدَؤُهَا حُلُولُ الشَّمْسِ فِي بُرْجِ الْجَدْيِ، وَنِهَايَتُهَا خُرُوجُ الشَّمْسِ مِنْ بُرْجِ الْحُوتِ، وَبُرُوجُهُ ثَلَاثَةٌ: الْجَدْيُ، وَالدَّلْوُ، وَالْحُوتُ. وَفَصْلُ الشِّتَاءِ مُدَّةُ الْبَرْدِ.
والصَّيْفِ: اسْمٌ لِفَصْلٍ مِنَ السَّنَةِ الشَّمْسِيَّةِ، وَهُوَ زَمَنُ الْحَرِّ وَمُدَّتُهُ ثَلَاثَةٌ وَتِسْعُونَ وَيَوْما وَبِضْعُ سَاعَاتٍ، مَبْدَؤُهَا حُلُولُ الشَّمْسِ فِي بُرْجِ السَّرَطَانِ وَنِهَايَتُهُ خُرُوجُ الشَّمْسِ مِنْ بُرْجِ السُّنْبُلَةِ، وَبُرُوجُهُ ثَلَاثَةٌ: السَّرَطَانُ، وَالْأَسَدُ، وَالسُّنْبُلَةُ.
قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: قَالَ مَالِكٌ: الشِّتَاءُ نِصْفُ السَّنَةِ وَالصَّيْفُ نِصْفُهَا وَلَمْ أَزَلْ أَرَى رَبِيعَةَ ابْن أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَمَنْ مَعَهُ لَا يَخْلَعُونَ عَمَائِمَهُمْ حَتَّى تَطْلُعَ الثُّرَيَّا (يَعْنِي طُلُوعَ الثُّرَيَّا عِنْدَ الْفَجْرِ وَذَلِكَ أَوَّلُ فَصْلِ الصَّيف) وَهُوَ الْيَوْم التَّاسِعَ عَشَرَ مِنْ (بَشَنْسَ) وَهُوَ يَوْمُ خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ مِنْ عَدَدِ الرُّومِ أَوِ الْفُرْسِ اهـ.
وَشَهْرُ بَشَنْسَ هُوَ التَّاسِعُ مِنْ أَشْهُرِ السَّنَةِ الْقِبْطِيَّةِ الْمُجَزَّأَةِ إِلَى اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا.