مِنْ ضُرُوبِ أَذَاهُمْ طَمَعًا فِي أَنْ يُلْجِئَهُمُ الْمَلَلُ مِنْ أَصْنَافِ الْأَذَى، إِلَى الِانْصِرَافِ عَنِ الْإِسْلَامِ وَالرُّجُوعِ إِلَى الشِّرْكِ.

[1- 7]

[سُورَة الْهمزَة (104) : الْآيَات 1 الى 7]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ (1) الَّذِي جَمَعَ مَالا وَعَدَّدَهُ (2) يَحْسَبُ أَنَّ مالَهُ أَخْلَدَهُ (3) كَلاَّ لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ (4)

وَما أَدْراكَ مَا الْحُطَمَةُ (5) نارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ (6) الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ (7)

وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ (1) الَّذِي جَمَعَ مَالا وَعَدَّدَهُ (2) يَحْسَبُ أَنَّ مالَهُ أَخْلَدَهُ (3) كَلَّا.

كَلِمَةُ (وَيْلٌ لَهُ) دُعَاءٌ عَلَى الْمَجْرُورِ اسْمُهُ بِاللَّامِ بِأَنْ يَنَالَهُ الْوَيْلُ وَهُوَ سُوءُ الْحَالِ كَمَا تَقَدَّمَ غَيْرَ مَرَّةٍ مِنْهَا قَوْلُهُ تَعَالَى: فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ [79] .

وَالدُّعَاءُ هُنَا مُسْتَعْمَلٌ فِي الْوَعِيدِ بِالْعِقَابِ.

وَكَلِمَةُ (كُلِّ) تُشْعِرُ بِأَنَّ الْمُهَدَّدِينَ بِهَذَا الْوَعِيدِ جَمَاعَةٌ وَهُمُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا هَمْزَ الْمُسْلِمِينَ وَلَمْزَهُمْ دَيْدَنًا لَهُمْ أُولَئِكَ الَّذِينَ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُمْ فِي سَبَبِ نُزُولِ السُّورَةِ.

وَهُمَزَةٌ وَلُمَزَةٌ: بِوَزْنِ فُعَلَةٍ صِيغَةٌ تَدُلُّ عَلَى كَثْرَةِ صُدُورِ الْفِعْلِ الْمُصَاغِ مِنْهُ. وَأَنَّهُ صَارَ عَادَةً لِصَاحِبِهِ كَقَوْلِهِمْ: ضُحَكَةٌ لِكَثِيرِ الضَّحِكِ، وَلُعَنَةٌ لِكَثِيرِ اللَّعْنِ، وَأَصْلُهَا: أَنَّ صِيغَةَ فُعَلٍ بِضَمٍّ فَفَتْحٍ تَرِدُ لِلْمُبَالَغَةِ فِي فَاعِلٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرَّضِيُّ فِي «شَرْحِ الْكَافِيَةِ» يُقَالُ: رَجُلٌ حُطَمٌ إِذَا كَانَ قَلِيلَ الرَّحْمَةِ لِلْمَاشِيَةِ، أَيِ وَالدَّوَابِّ.

وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: خُتَعٌ (بِخَاءٍ مُعْجَمَةٍ وَمُثَنَّاةٍ فَوْقِيَّةٍ) وَهُوَ الدَّلِيلُ الْمَاهِرُ بِالدِّلَالَةِ عَلَى الطَّرِيقِ فَإِذَا أُرِيدَتْ زِيَادَةُ الْمُبَالَغَةِ فِي الْوَصْفِ أُلْحِقَ بِهِ الْهَاءُ كَمَا أُلْحِقَتْ فِي: عَلَّامَةٍ وَرَحَّالَةٍ، فَيَقُولُونَ: رَجُلٌ حُطَمَةٌ وَضُحَكَةٌ وَمِنْهُ هُمَزَةٌ، وَبِتِلْكَ الْمُبَالَغَةِ الثَّانِيَةِ يُفِيدُ أَنَّ ذَلِكَ تَفَاقَمَ مِنْهُ حَتَّى صَارَ لَهُ عَادَةً قَدْ ضُرِيَ بِهَا كَمَا فِي «الْكَشَّافِ» ، وَقَدْ قَالُوا: إِنَّ عُيَبَةً مُسَاوٍ لِعَيَّابَةٍ، فَمِنَ الْأَمْثِلَةِ مَا سُمِعَ فِيهِ الْوَصْفُ بِصِيغَتَيْ فُعَلٍ وَفُعَلَةٍ نَحْوَ حُطَمٍ وَحُطَمَةٍ بِدُونِ هَاءٍ وَبِهَاءٍ، وَمِنَ الْأَمْثِلَةِ مَا سُمِعَ فِيهِ فُعَلَةٌ دُونَ فُعَلٍ نَحْوَ رَجُلٍ ضُحَكَةٍ، وَمِنَ الْأَمْثِلَةِ مَا سُمِعَ فِيهِ فُعَلٌ دُونَ فُعَلَةٍ وَذَلِكَ فِي الشَّتْمِ مَعَ حَرْفِ النِّدَاءِ يَا غُدَرُ وَيَا فُسَقُ وَيَا خُبَثُ وَيَا لُكَعُ.

قَالَ الْمُرَادِيُّ فِي «شَرْحِ التَّسْهِيلِ» قَالَ: بَعْضُهُمْ وَلَمْ يُسْمَعْ غَيْرُهَا وَلَا يُقَاسُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015