بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
سُمِّيَتْ هَذِهِ السُّورَةُ فِي الْمَصَاحِفِ وَمُعْظَمِ التَّفَاسِيرِ «سُورَةَ الْهُمَزَةِ» بِلَامِ التَّعْرِيفِ، وَعَنْوَنَهَا فِي «صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ» وَبَعْضِ التَّفَاسِيرِ: «سُورَةَ وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ» . وَذَكَرَ الْفَيْرُوزَآبَادِيُّ فِي «بَصَائِرِ ذَوِي التَّمْيِيزِ» أَنَّهَا تُسَمَّى «سُورَةَ الْحُطَمَةِ» لِوُقُوعِ هَذِهِ الْكَلِمَةِ فِيهَا.
وَهِيَ مَكِّيَّةٌ بِالِاتِّفَاقِ.
وَعُدَّتِ الثَّانِيَةَ وَالثَّلَاثِينَ فِي عِدَادِ نُزُولِ السُّوَرِ نَزَلَتْ بَعْدَ سُورَةِ الْقِيَامَةِ وَقَبْلَ سُورَةِ الْمُرْسَلَاتِ.
وَآيُهَا تِسْعٌ بِالِاتِّفَاقِ.
رُوِيَ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي جَمَاعَةٍ مِنْ الْمُشْرِكِينَ كَانُوا أَقَامُوا أَنْفُسَهُمْ لِلَمْزِ الْمُسْلِمِينَ وَسَبِّهِمْ وَاخْتِلَاقِ الْأُحْدُوثَاتِ السَّيِّئَةِ عَنْهُمْ. وَسُمِّيَ مِنْ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ: الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ الْمَخْزُومِيُّ، وَأُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ، وَأُبَيُّ بْنُ خَلَفٍ، وَجَمِيلُ بْنُ مَعْمَرِ من بَنِي جُمَحَ (وَهَذَا أَسْلَمَ يَوْمَ الْفَتْحِ وَشَهِدَ حُنَيْنًا) وَالْعَاصُ بْنُ وَائِلٍ مِنْ بَنِي سَهْمٍ. وَكُلُّهُمْ مِنْ سَادَةِ قُرَيْشٍ. وَسُمِّيَ الْأَسْوَدُ بْنُ عَبْدِ يَغُوثَ، وَالْأَخْنَسُ بْنُ شَرِيقٍ الثَّقَفِيَّانِ مِنْ سَادَةِ ثَقِيفٍ أَهْلِ الطَّائِفِ. وَكُلُّ هَؤُلَاءِ مِنْ أَهْلِ الثَّرَاءِ فِي الْجَاهِلِيَّة والازدهاء بِثَرَائِهِمْ وَسُؤْدُدِهِمْ. وَجَاءَتْ آيَةُ السُّورَةِ عَامَّةً فَعَمَّ حُكْمُهَا الْمُسَمَّيْنَ وَمَنْ كَانَ عَلَى شَاكِلَتِهِمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَلَمْ تذكر أَسمَاؤُهُم.
فَغَرَضُ هَذِهِ السُّورَةِ وَعِيدُ جَمَاعَةٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ جَعَلُوا هَمْزَ الْمُسْلِمِينَ وَلَمْزَهُمْ ضَرْبًا