مُهِمٍّ، فَهُوَ فَعِيلٌ بِمَعْنَى فَاعِلٍ، وَقِيَاسُ جَمْعِهِ سُفَرَاءُ وَتَكُونُ (فِي) لِلظَّرْفِيَّةِ الْمَجَازِيَّةِ، أَيْ الْمُمَاثِلَةِ فِي الْمَعَانِي.

وَتَأْتِي وُجُوهٌ مُنَاسِبَةٌ فِي مَعْنَى سَفَرَةٍ، فَالْمُنَاسِبُ لِلْوَجْهِ الْأَوَّلِ: أَنْ يَكُونَ السَّفَرَةُ كُتَّابَ الْقُرْآنِ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَوْ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ قُرَّاءَ الْقُرْآنِ، وَبِهِ فَسَّرَ قَتَادَةُ وَقَالَ: هُمْ بِالنَّبَطِيَّةِ الْقُرَّاءُ، وَقَالَ غَيْرُهُمْ: الْوَرَّاقُونَ بِاللُّغَةِ الْعِبْرَانِيَّةِ.

وَقَدْ عُدَّتْ هَذِهِ الْكَلِمَةُ فِي عِدَادِ مَا وَرَدَ فِي الْقُرْآنِ مِنَ الْمُعَرَّبِ كَمَا فِي «الْإِتْقَانِ» عَنِ ابْنِ أَبِي حَاتِمٍ، وَقَدْ أَغْفَلَهَا السُّيُوطِيُّ فِيمَا اسْتَدْرَكَهُ عَلَى ابْنِ السُّبْكِيِّ وَابْنِ حَجَرٍ فِي نَظْمَيْهِمَا فِي الْمُعَرَّبِ فِي الْقُرْآنِ أَوْ قَصَدَ عَدَمَ ذِكْرِهَا لِوُقُوعِ الِاخْتِلَافِ فِي تَعْرِيبِهَا.

وَالْمُنَاسِبُ لِلْوَجْهِ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ مَحْمَلُهُ الرُّسُلَ.

وَالْمُنَاسِبُ لِلْوَجْهِ الثَّالِثِ: أَنْ يَكُونَ مَحْمَلُهُ الْمَلَائِكَةَ لِأَنَّهُمْ سُفَرَاءُ بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ.

وَالْمُرَادُ بِأَيْدِيهِمْ: حِفْظُهُمْ إِيَّاهُ إِلَى تَبْلِيغِهِ، فَمَثَّلَ حَالَ الْمَلَائِكَةِ بِحَالِ السُّفَرَاءِ الَّذِينَ يَحْمِلُونَ بِأَيْدِيهِمُ الْأَلُوكَ وَالْعُهُودَ.

وَإِمَّا أَنْ يُرَادَ: الرُّسُلُ الَّذِينَ كَانَتْ بِأَيْدِيهِمْ كُتُبُهُمْ مِثْلَ مُوسَى وَعِيسَى عَلَيْهِمَا السَّلَامُ.

وَإِمَّا أَنْ يُرَادَ كُتَّابُ الْوَحْيِ مِثْلَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَعَامِرِ بْنِ فُهَيْرَةَ.

وَكَانَ بَعْضُ الْمُسْلِمِينَ يَكْتُبُ مَا يَتَلَقَّاهُ مِنَ الْقُرْآنِ لِيَدْرُسَهُ مِثْلَ مَا وَرَدَ فِي حَدِيثِ إِسْلَامِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ مِنْ عُثُورِهِ عَلَى سُورَةِ طَهَ مَكْتُوبَةً عِنْدَ أُخْتِهِ أُمِّ جَمِيلٍ فَاطِمَةَ زَوْجِ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ.

وَفِي وَصْفِهِمْ بِالسَّفَرَةِ ثَنَاءٌ عَلَيْهِمْ لِأَنَّهُمْ يُبَلِّغُونَ الْقُرْآنَ لِلنَّاسِ وَهُمْ حُفَّاظُهُ وَوُعَاتُهُ قَالَ تَعَالَى: بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ [العنكبوت: 49] فَهَذَا مَعْنَى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015