في المذهب أنه ينجسه إذا كان الماء يسيرا، والراجح أنه لا ينجسه إلا أن تغير، وسيأتي الكلام في ذلك بإذن الله.
الثاني - أن يكون الحائل بين الوقود النجس والماء حصين - أي محكم ومنيع.
الثالث - أن يكون الحائل بين الوقود النجس والماء غير حصين فالمذهب فيه في القسمين روايتان بالكراهة وعدمها، واختار تقي الدين عدم الكراهة.
قال تقي الدين في "مجموع الفتاوي" (21/ 69): (وهذه الكراهة لها مأخذان: أحدهما احتمال وصول أجزاء النجاسة إلى الماء فيبقى مشكوكا في طهارته شكا مستندا إلى إمارة ظاهرة فعلى هذا المأخذ متى كان بين الوقود والماء حاجز حصين كمياه الحمامات لم يكره لأنه قد تيقن أن الماء لم تصل إليه النجاسة.
والثاني أن سبب الكراهة كونه سخن بإيقاد النجاسة واستعمال النجاسة مكروه عندهم والحاصل بالمكروه مكروه.
ثم قال: وأما دخان النجاسة فهذا مبنى على أصل وهو أن العين النجسة الخبيثة إذا استحالت حتى صارت طيبة كغيرها من الأعيان الطيبة مثل أن يصير ما يقع في الملاحة من دم وميتة وخنزير ملحا طيبا كغيرها من الملح أو يصير الوقود رمادا ... فالدخان والبخار المستحيل عن النجاسة طاهر لأنه أجزاء هوائية ونارية ومائية وليس فيه شيء من وصف الخبث).
وعليه فالراجح في الماء المسخن بالنجاسة أنه طهور ولا يكره التطهر به، ما لم يتحقق وصول النجاسة إليه وتغييرها له.
قال الشيخ ابن جبرين في "شفاء العليل شرح منار السبيل" (ص/93): (ولعل الأرجح أن الماء المسخن بالمغصوب لا يكره لعدم الدليل على كراهته - وهذه هي الرواية الثانية عن أحمد - ولكن يأثم الغاصب - كما هو معلوم -.
والمقصود بالماء المستعمل هو الماء المنفصل عن أعضاء المتطهر لا الماء المتبقي الذي يعترف منه.