1- قائل النص:
إن أول ما ينبغي أن يوقم به دارس النص الأدبي، هو إلقاء الأضواء على قائله، ففي هذا الإلقاء كشف للكثير من جوانب النص -حين درسه وتحليله- وتوضيح لبعض الأمور الغامضة فيه.
ذلك لأن للقائل -شاعرًا أو كاتبًا- مجموعة من العواطف والمشاعر والاتجاهات النفسية التي يصدر عنها في فنه الأدبي شعرا ونثرا، وهي أمور تتحكم فيها مجموعة من العوامل والمؤثرات المحيطة به، عامة كانت هذه المؤثرات أو خاصة، فالعامة كالمؤثرات السياسية والاجتماعية والثقافية، والخاصة كالأسرة والنشأة والحياة الخاصة، والقبيلة والبلد والأساتذة.
ومما لا شك فيه أن هذه المؤثرات، هي التي تكوّن الأديب نفسيًّا وفكريًّا، وبالتالي توجهه حينما يعبر عن عواطفه وانفعالاته وشعوره وفكره.
ولكن درس هذا الجانب ينبغي أن يكون موجزًا يكشف الغامض ويوضح الملتبس في النص، ويعين على فهم نفسية الأديب وشعوره، ويرشد إلى السر في اختياره لألفاظه وتراكيبه وصوره الفنية وموسيقاه، ويرجع الكثير من هذه الظواهر الفنية إلى منابعها التي تعود إلى تلك العوامل والمؤثرات، "فتذوقنا لشعر المتنبي يكون أشد عمقًا، وأقوى روعة، حين نعرف الكثير عن حياته العاصفة المضطربة، وفهمنا لإبداع المعري يبدو أكثر وضوحًا حين نقرؤه في ضوء حياته، وما اعتورها وأحاط بها، وتعليلنا لدقة ابن الرومي يقترب من الحقيقة أكثر حين نعرف أصوله الأولى، وما ارتبطت به من اتجاه في الفن أو الفهم والتعليل"1.