وكلام الإمام أحمد رحمه الله ظاهر في إعلال هذا الخبر، وتأويل ابن حزم لكلامه غير مسلم، وقد أعله أبو حاتم وغيره.
وقول الإمام أحمد:
(ليس يروى إلا عن الحسن عن النبي صلى الله عليه وسلم) انتهى.
هو ما ينبغي الوقوف عليه لأنه من إمام حافظ، وإذا حكم الأئمة بإعلال خبر من طريق مشهورة وأغفلو ذكر وروده من طرق أخرى فالغالب أنه لا يصح من غيرها، فهم قد اطلعوا على طرق الأخبار ومخارجها، وعاينوا الأصول وتنوعها، وقولهم هو العمدة في ذلك، وقد جمع بعض المتأخرين جزءاً في تقوية هذا الخبر، والكلامُ في بيان إعلاله ليس من شرط الكتاب.
وابن حزم عليه رحمة الله يخالف الأئمة في كثير من الأحيان، ويُعْمل ظاهر الطرق في تقوية الأخبار أو ردها، كما عليه كثير ممن تأخر من أهل العلم كابن القطان الفاسي وغيره.
وابن حزم رحمه الله لا يعتبر بتعدد طرق الخبر، فما روي موصولاً لا يضره أن يروى من وجه أصح مرسلاً، فهو يقضي لكل طريق وحده في الغالب، قال ابن حزم في كتابه "الإحكام": (2/217) في فصل في زيادة العدل:
(لا فرق بين أن يروي العدل الراوي العدل حديثاً فلا يرويه أحد غيره أو يرويه غيره مرسلاً أو يرويه ضعفاء وبين أن يروي الراوي العدل لفظة زائدة لم يروها غيره من رواة الحديث وكل ذلك سواء واجب قبوله....) انتهى.
وقال أيضاً: (1/131) :
(إذا روى العدل عن مثله خبراً حتى يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم، فقد وجب الأخذ به ولزمت طاعته والقطع به سواء أرسله غيره أو أوقفه أو رواه كذاب من الناس وسواء روي من طريق أخرى أو لم يرو إلا من تلك الطريق ... ) انتهى.
وهذا إغفال لباب العلل، ومخالفة لمناهج النقّاد.
قال المصنف ابن ضويان (1/29) :
(أن عائشة رضي الله عنها لَيَّنت السواك للنبي صلى الله عليه وسلم فاستاك به) انتهى.
أخرجه الإمام أحمد: (6/48-ط. الميمنية) والبخاري: (1/214-ط. العامرة) وغيرهما من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: مات رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتي ويومي وبين سَحْري ونَحْري فدخل عبد الرحمن بن أبي بكر ومعه سواك رطب فنظر إليه فظننت أن له فيه حاجة، قالت: فأخذته فمَضَغْتُه ونَفَضْتُه وَطَيَّبْتُه ثم دفعته إليه فاستن كأحسن ما رأيته مستناً قط ... الحديث.
وأخرجه مسلم في "الصحيح" دون ذكر السواك.