الأمر عندنا بمنزلة الرجل الذي يؤخر دينه بعد محله عن عزيمة ويزيده الغريم في حقه [207/ ب] فهذا الربا بعينه.

وقد أخرج مالك (?) عن زيد بن أسلم: أنه كان الربا في الجاهلية أن يكون للرجل على الرجل الحق إلى أجل، فإذا حل الأجل قال: أتقضي أم تربي؟ فإن قضى أخذه وإلا زاده في حقه وأخر عنه الأجل.

قال ابن عبد البر (?): قد بين مالك أن من وضع من حق له لم يحل أجله ليستعجله فهو بمنزلة من أخر حقه بعد حلول الأجل لزيادة يزادها من غريمه لتأخيره ذلك؛ لأن المعنى الجامع له هو أن يكون بإزاء الأمر الساقط أو الزائد بدلاً وعوضاً يزداده الذي يزيد في الأجل، أو يسقط عن الذي يعجل الدين [54/ أ] قبل محله، فهذان وإن كان أحدهما عكس الآخر فهما مجتمعان في المعنى الذي وصفنا.

قال (?): وقد اختلف العلماء في معنى قوله: "ضع عني وأعجل لك"، ولم يختلفوا في قولهم: "إما أن تقضي وإما أن تربي"، أنه الربا المجمع عليه الذي نزل القرآن بتحريمه.

وأما اختلاف العلماء في "ضع وتعجل" فإن ابن عباس خالف في ذلك ابن عمر، وزيد بن ثابت، وكذلك اختلف فيها التابعون ومن بعدهم من العلماء.

قال ابن عباس [208/ ب]: "إنما الربا أخرني وأزيدك ليس عجل لي وأضع عنك"، أخرجه عند عبد الرزاق (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015