أقول: قال الخطابي (?) في شرح هذا الحديث: أوتيت الكتاب ومثله، يحتمل وجهين من التأويل: أحدهما: أن معناه أنه أوتي من الوحي الباطن غير المتلو مثل ما أوتي من الظاهر المتلو.

والثاني: أنه الكتاب وحياً، وأوتي من البيان مثله، أي: أذن له أن يبين ما في الكتاب فيعم، ويخص ويزيد عليه ويشرع ما ليس في الكتاب، فيكون في وجوب العمل به ولزومه، فقوله كالظاهر المتلو من القرآن. انتهى.

قلت: وهذا الثاني هو مسألة التفويض المعروفة في أصول الفقه، وفيها خلاف ولا ريب أنه معلوم يقيناً أنه - صلى الله عليه وسلم - أوتي القرآن، وأكثر أحكامه مجملة, ووكل الله إليه البيان، وقال: {لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} (?) وانظر في حكم واحد ورد في القرآن في غاية الإجماع ما بينه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو قوله: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} (?) فإن هذين حكمان ما يعرف قدرهما عدداً ولا كيفية ولا وقتاً، إلا من بيانه - صلى الله عليه وسلم - بأقواله وأفعاله، وأظن - والله أعلم - أنه قد أراد بهذه الطائفة الخوارج (?) الذين كفروا الصحابة، فلا يقبلون رواية, ويقولون: يكفينا كتاب الله.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015