وقد بين الواقدي السنة (?) التي سحر فيها - صلى الله عليه وسلم - أنه في المحرم سنة سبع بعد رجوعه - صلى الله عليه وسلم - من الحديبية، وأن رؤساء اليهود أتوا لبيد بن الأعصم وجعلوا له جعلاً على أن يسحر النبي - صلى الله عليه وسلم - ففعل.
قال السهيلي (?): أما قدر مدة لبثه - صلى الله عليه وسلم - مسحوراً فلم أقف في الأحاديث المشهورة على قدرها حتى ظفرت في "جامع معمر" عن الزهري أنه لبث سنة. قال الحافظ ابن حجر (?): وقد وجدناه موصولاً بسند صحيح فهو المعتمد.
قوله: "حتى إنه ليخيل أنه فعل الشيء وما فعله" أقول: قال المازري (?): أنكر بعض المبتدعة هذا الحديث، وزعموا أنه يحط منصب النبوة ويشكك فيها، وكل ما أدى إلى ذلك فهو باطل، وزعموا أن تجويز هذا يهدم الشرائع التي شرعها، إذ يحتمل على هذا أنه يخيل إليه أنه رأى جبريل وليس هو، وأنه يوحى إليه شيء ولم يوح إليه بشيء.
قال المازري (?): وهذا كله مردود؛ لأن الدليل قد قام على صدق النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما يبلغه عن الله، وعلى عصمته في التبليغ، والمعجزات قائمة بتصديقه فتجويز ما قام الدليل على خلافه باطل، وأما ما يتعلق ببعض أمور الدنيا التي لم يبعث [372/ أ] لأجلها ولا كانت الرسالة من أجلها، فهو في ذلك عرضة لما يعرض للبشر، كالأمراض فغير بعيد أن يخيل إليه في أمر من أمور ما لا حقيقة له مع عصمته عن مثل ذلك في أمور الدين [267 ب]. زاد في رواية في البخاري بعد هذا: "حتى يرى أنه يأتي النساء ولا يأتيهن".