وفي قوله: [259 ب] "إلى يوم القيامة" دليل على أنه لا ينقطع الجهاد وإن ولي أمور العباد ذووا الظلم والفساد. وبهذا استدل البخاري وعقد له باباً فقال: باب الجهاد (?) ماض مع البر والفاجر، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "الخيل معقود بنواصيها الخير". قال في "فتح الباري" (?) [369/ أ]: سبقه إلى الاستدلال بهذا الإمام أحمد؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - ذكر بقاء الخير في نواصي الخيل إلى يوم القيامة، وفسره بالأجر والمغنم، والمغنم المقترن بالأجر، إنما يكون من الخيل بالجهاد، ولم يقيد ذلك ما إذا كان الإمام عادلًا، فدل على أنه لا فرق في حصول هذا الخير مع الإمام العادل والجائر.
وفي الحديث بشرى ببقاء الإسلام وأهله إلى يوم القيامة؛ لأن من لازم [بقاء] (?) الجهاد بقاء المجاهدين وهم المسلمون. وهو مثل الحديث الآخر (?): "لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون علي الحق".
وفي "سنن الترمذي" (?) من حديث أنس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ثلاث من أصل الإيمان: الكفُّ عمَّن قال لا إله إلا الله لا نكفره بذنب ولا نخرجه عن الإسلام بعمل، والجهاد ماض، [260 ب] بعثني الله إلى أن يقاتل آخر أمتي الدجال، لا يبطله جور جائر، ولا عدل عادل، والإيمان بالأقدار".