وقال - صلى الله عليه وسلم -: "المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده" (?)، وآفات اللسان التي يجب حفظها منها كثيرة وقد بسطها الغزالي في "الإحياء" (?) كما بسط آفات غيرها من الجوارح، وحفظ العين، ألا ينظر بها محرماً ولا سيما مما نهى الشارع عنه، وحفظ السمع أن يصونه عما نهى عنه الشارع، وحفظ الأنف عما ذكرناه وغيره، وقد بسطنا الكلام أكثر من هذا في "التنوير شرح الجامع الصغير" (?).
قوله: "والبطن وما حوى" أي: يحفظه وهي [302 ب] كلمة جامعة كالأولى، فإن البطن قد حوى أشرف مضغة في الإنسان وهي القلب، فإنه معدن الخير والشر، وهي المضغة التي إن صلحت صلح الجسد كله، وإن فسدت فسد الجسد كله وهو مقر الإيمان والكفر والاعتقادات الحقة والباطلة، ومحطُّ رحال الوساس، وهو الملك الذي سائر الجوارح خدم له وجواسيس تابعة بالخير والشر، وجميع الحواس طلائعه ورسله، وقد بسطنا هذا في "التنوير" في شرح هذا الحديث في حرف الهمزة.
قوله: "ويتذكر الموت والبِلَى" بكسر الموحدة من بلي الثوب يبلى بلاً، وبلاء وقد أكثر في الأحاديث التوصية بذكر الموت، وبيّن - صلى الله عليه وسلم - فائدة ذكره بأنه يوسع على العبد ضيق عيشه، ويضيق على الموسع سعيه، وبأنه يمحص الذنوب ويزهد في الدنيا.