وقيل: إنّ أبا قتادة لم يكن خرج معه - صلى الله عليه وسلم - وإنما أخرجه أهل المدينة بعد ذلك ليعلم النبي - صلى الله عليه وسلم - أن بعض العرب يقصدون الإغارة على المدينة.
وقيل: بل خرج معهم لكنه لم ينو حجاً ولا عمرة، قال القاضي (?): وهذا بعيد.
قوله: "وأحبّوا لو أني أبصرته" كأنه فهم محبتهم من القرائن، وفيه دليل على أنه لا لوم في محبة الإنسان لما يحرم عليه سببه وهو هنا الاصطياد.
قوله: "فغضبت" كأنه لم يعلم أنها تحرم عليهم الإعانة له، وفي رواية أنهم قالوا: "لسنا نعينك عليه بشي [118 ب] إنّا محرمون"، وفيه دليل على أن قوله تعالى: {لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} (?) شامل للإعانة عليه والإشارة مع أنهم ليسوا بقاتلين لكنهم شاركوا قاتله بالإعانة والإشارة، وأنه أريد في الآية ما هو أعم من المباشرة للقتل، أو كأنهم فهموا أنّ الإعانة محرمة من السنة، فإنه قد قال - صلى الله عليه وسلم -: "أمنكم أحد أمره أن يحمل عليه أو أشار إليه؟ قالوا: لا"، فقد كانوا سبق علمهم بتحريم الإعانة، ويأتي أنه لا يحرم على المحرم إلا ما صاده أو صيد لأجله فلذا أكل - صلى الله عليه وسلم - منها العضد، ويأتي التوفيق بين هذا وبين ردّه - صلى الله عليه وسلم - لما أهداه له الصعب.
43 - وَعَنِ الصَّعْبِ بْنِ جَثَّامَةَ - رضي الله عنه -: أَنَّهُ أَهْدَى إِلَى رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - حِمَارًا وَحْشِيًّا، وَهْوَ بِالأَبْوَاءِ أَوْ بِوَدَّانَ فَرَدَّهُ عَلَيْهِ، فَلمَّا رَأَى مَا فِي وَجْهِهِ قَالَ: "إِنَّا لَمْ نَرُدَّهُ عَلَيْكَ إِلاَّ أَنَّا حُرُمٌ". أخرجه الستة (?) إلا أبا داود. [صحيح].
قوله: "وعن الصعب" (?) اسمه يزيد بن قيس بن ربيعة الليثي.
وَ"جثامة" بفتح الجيم وتشديد المثلثة.