وَلذَلِك عدلنا عَن مثل هَذِه الْعبارَة وَقُلْنَا: وَهُوَ موت من اعْتبر فِيهِ، وَمن يعْتَبر انْقِرَاض الْعَصْر لَا يعْتَبر فِيهِ إِلَّا الْمُجْتَهدين فَيعْتَبر مَوْتهمْ لَا غير، فَسلم مِمَّا يرد عَلَيْهِ.

إِذا علم ذَلِك فالمشترطون للانقراض لَا يمْنَعُونَ كَون الْإِجْمَاع حجَّة قبل الانقراض، بل يَقُولُونَ: نحتج بِهِ، لَكِن لَو رَجَعَ رَاجع قدح، أَو حدث مُخَالف قدح.

أو يفعله حجة في حياته وإن احتمل أن يتبدل بنسخ عملا بالأصل في الموضعين فإذا رجع بعضهم تبين أنهم كانوا على خطأ لا يقرون عليه بخلافه

وَنَظِيره: أَن مَا يَقُوله الرَّسُول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَو يَفْعَله حجَّة فِي حَيَاته، وَإِن احْتمل أَن يتبدل بنسخ عملا بِالْأَصْلِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ، فَإِذا رَجَعَ [بَعضهم] تبين أَنهم كَانُوا على خطأ لَا يقرونَ عَلَيْهِ بِخِلَافِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -؛ فَإِن قَوْله وَفعله حق فِي الْحَالين.

قَوْله: {وَحَيْثُ لَا يعْتَبر} - يَعْنِي: انْقِرَاض الْعَصْر - {لَا يعْتَبر تمادي الزَّمن مُطلقًا} ، بل يكون اتِّفَاقهم حجَّة بِمُجَرَّدِهِ، حَتَّى لَو رَجَعَ بَعضهم لَا يعْتد بِهِ، وَيكون خارقاً للْإِجْمَاع، وَلَو نَشأ مخالفه لَا يعْتد بقوله، بل يكون الْإِجْمَاع حجَّة عَلَيْهِ، وَلَو ظهر للْكُلّ مَا يُوجب الرُّجُوع فَرجع كلهم مُجْمِعِينَ لم يجز ذَلِك، بل إِجْمَاعهم الأول حجَّة عَلَيْهِم وعَلى غَيرهم، حَتَّى لَو جَاءَ غَيرهم مُجْمِعِينَ على خلاف ذَلِك لم يجز أَيْضا، وَإِلَّا لتصادم الإجماعان.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015