من عقد هذه المقارنة البسيطة فلم يكن بين قريش واليهود أدنى ثارات أو دماء أو خلاف، لكنها حين تضطر لحرب محمد صلى الله عليه وسلم فهي تهدد يثرب كلها. علما بأن قريشا ليست حريصة على حرب اليهود. ورأينا حلفها معها يوم قريظة. أما الوضع اليوم مع عدونا الكافر في سورية فما من فئة إلا وله معها ثارات ودماء. وهذا يعني أن الواجب يحتم على كل حليف بذل ماله، وبذل دمه كذلك حتى تزول الغمة. إننا نرحب بأن يتحرك الحلفاء ويبذلوا دماءهم دفاعا عن حقوقهم المهدورة، ولا نمنع أحدا من ذلك، لكنا لا نحول الحلف إلى حركة واحدة، ولا نعتبر من بذل قتيلا مثل من بذل جيشا، ولا من قدم مجموعة صغيرة مثل من حكم على كل فرد من أفراده بالإعدام، ولا كل من قدم تسهيلا لمجاهد مثل من قدم مئات الشهداء في مجزرة واحدة.
فالحكم للإسلام لأن الإسلام والمسلمين هم الذين يجاهدون، والمناصرة الجزئية من الفئات الأخرى جهد مشكور ينالون ثمرته أمنا وعدلا واستقلالا ذاتيا وبرا يرفع عنهم الحيف والظلم.
إننا لا بد أن نكون صريحين مع أعدائنا وأصدقائنا على السواء، ولم ننطلق في الأصل ونحن ننتظر عونا من قوى هذه الأرض بل انطلقنا على هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم. على حرب الأحمر والأسود من الناس. والله تعالى من عنده النصر، فلن نطلبه من غيره.
إنه ليس استطرادا مزاجيا بل هو قواعد مقررة. فحق التناصر قائم، والاستفادة من حرب الحليف للعدو قائم. وهذا ميثاقنا إمامنا وضعه رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم ينس حق اليهودي الضائع في قرية، ولا حق يهود المجتمعين في قبيلة. ولا حق اليهود القائمين في دولة. دون أن يفرضه عليه أحد إنما هو تنفيذ لتشريع الله. ومن أصدق من الله قيلا؟ والحركة السياسية المسلمة هي