وإن نتبع رأى من قبلك فنعم ذو الرأي كان. هذا اتفاق من عمر وعثمان على جواز تقليد أبي بكر، وإن كان المقلد مجتهدًا.
وروي أن عبد الرحمن بن عوف قال لعثمان: أبايعك على كتاب الله وسنة رسوله وسنة الشيخين. فقال: (اللهم نعم). وهذا بحضرة الصحابة.
والذي روي عنه أنه عرض ذلك على علي - رضي الله عنه - فقال: لا، إلا على اجتهادي وطاقتي. ليس بخلاف؛ لأنه اعتقد أن اجتهاده أوفر من اجتهادهما.
32335 - فإن قيل: المراد بهذه السيرة في المسلمين ومجاهدة العدو وسد الثغور.
32336 - قلنا: بل هو عام في كل سنة.
احتجوا: بما روي أن النبي - عليه السلام - قال لمعاذ لما بعثه إلى اليمن: (بم تقضى؟) قال: بكتاب الله. قال: (فإن لم يكن في كتاب الله؟). قال: بسنة رسول الله. قال: (فإن لم تجد في سنة رسول الله؟). قال: أجتهد برأي، ولا آلو جهدًا. فقال: (الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما يرضاه رسول الله).
32337 - قلنا: هذا الحديث مرسل لم يرو إلا عن رجال من أهل حمص، وكيف يصح لهم الاحتجاج به؟.
ولأنه لم يكن باليمن من يجوز لمعاذ تقليده والرجوع إلى قوله، فكذلك لم يذكر التقليد.
32338 - قالوا: قال النبي - عليه السلام -: (إذا اجتهد القاضي فأصاب فله أجران، وإن أخطأ فله أجر واحد). ولو كان للحاكم طريق ثالث لذكره.
32339 - قلنا: ذكر الاجتهاد ولم يبين جمع طرق الحكم، فتقليد العالم بذكره كما لم يذكر.
32340 - قالوا: قول يجوز له تركه باجتهاده، فلا يجوز له ترك اجتهاد له، أصله: قول من هو مثله أو دونه، وعكسه قول النبي - عليه السلام -.
32341 - قلنا: من اجتهد فظهر له طريق الحكم، لا يجوز له تركه بتقليد غيره. ولذا نقول في المجتهد إذا لم يكن ظهر له طريق الحكم وأعجلت الحاجة إلى إنفاذ الحكم