يجوز قتل أهل الكتاب إذا لم يبذلوا الجزية باتفاق، فدل على أنهم أخذوا من المجوس؛ لأن الحكم يختص بغير أهل الكتاب لا لما ذكروه.
30416 - قالوا: وثنيون لا تؤخذ منهم الجزية كالعرب.
30417 - قلنا: المعنى في العرب أنهم بالغوا في أذية النبي - صلى الله عليه وسلم - وعرضوه لمفارقة وطنه، فغلظ أمرهم وهذا لا يوجد في العجم.
30418 - فإن قيل: أذيته - صلى الله عليه وسلم - كانت من أهل مكة خاصة، فلم وجب أن يعم التغليظ جميع العرب. قالوا: وقد أذاه اليهود، ولم يمنع ذلك قبول الجزية منهم.
30419 - قلنا: أهل مكة ومن والاها من بني ثقيف وبني بكر وغيرهم اتفقوا في أذية النبي - صلى الله عليه وسلم - وتكذيبه والقعود عن إجارته، ولم يكن في العرب منكر لما أتوه، فجرى حكم التغليظ على جماعتهم.
30420 - فأما اليهود فلم يعرضوا النبي - صلى الله عليه وسلم - للغربة ولا قوا على إخراجه من وطنه.
30421 - وإن شئت قلت: إن العرب لهم حرمة لكون النبي - صلى الله عليه وسلم - منهم، فلم يقبل منهم الجزية ليقروا بها على التي بينه، ولم تثبت هذه الحرمة للعجم فصاروا كأهل الكتاب، ولهذا العلة لم تقبل الجزية من المرتدين؛ لأن حرمة الإسلام ثبتت لهم.
30422 - قالوا: من لم تقبل منه الجزية إذا كان عربيًا، لم تقبل منه الجزية إذا كان أعجميًا، أصله: المرتد.
30423 - قلنا: المرتد لا يقر على كفره بالاسترقاق، فكذلك الجزية.
30424 - قالوا: غير منتسب لكتاب ولا شبه كتاب، فلم تقبل منه الجزية كالمرتد والوثني العربي.
30425 - قلنا: إيمانهم بكتاب قد جحدوا ما فيه وغيروه وبدلوه لا يجوز أن يخفف حالهم كالمسلم إذا استحل الخمر والزنى فهو متمسك بكتاب ولا يقر على ذلك بالجزية، وإن تمسك بالكتاب لما نبذ أحكامه ولم يؤد حقه، والمعنى في المرتد والعربي ما قدمنا.
30426 - قالوا: الجزية عقوبة فيستوي فيها العرب والعجم كالقتل.
30427 - قلنا: القتل يستوي فيه الكتابي والوثني، فكذلك استوى فيه العربي والعجمي، والجزية فارق أهل الكتاب فيها غيرهم، فجاز أن يفارق العربي العجمي.