29755 - قلنا: هذا مجاز، ومتى أمكن حمل اللفظ على الحقيقة فهو أولى.
29756 - ولأنه ذكر العجماء وأراد به جناية الدابة، فلو حملنا قوله: (الرجل جبار). على الدابة أيضاً، كان حملاً على التكرار، ومتى علق بكل لفظ فائدة فهو أولى.
29757 - فإن قيل: نحمله على الدابة المنفلتة، وفائدة تخصيص الرجل أن غالب جناية الدابة برجلها.
29758 - قلنا: غالب جناية المنفلته يكون بصدمها، لم يصح ما ذكروه من فائدة التخصيص.
29759 - ولأن جناية الرجل لا يمكن للقائد والراكب الاحتراز عنها ولا يمكن المار في الطريق الاحتراز فهو هدر، أصله ما أثارت الدابة بسنابكها من التراب.
29760 - ولأن الراكب لا تفريط من جهته فيما أصابت برجلها، فصار كإتلاف الدابة.
29761 - احتجوا: بأنها جناية بهيمة يد صاحبها عليها، فكانت جنايتها كجنايته، أصله ما أصابت بيدها أو فمها. قالوا: ولأن كل جناية إذا كانت باليد والفم كانت مضمونة إذا كانت بالرجل، فهي مضمونة كجناية العبد وعكسه المنفلتة.
29762 - قلنا: قد بينا الفرق بين الجنابتين، وهو أن الراكب والقائد لا يقدر على الحفظ من نفحة الرجل، لأنه لا يرى من وراءه، فتبعد الدابة ويبعده عنها، وما لا طريق إلى الاحتراز عنه هدر كجناية المعدن والبئر وكالمنفلتة.
29763 - وأما جناية اليد والفم فهو المشاهد من بين يديه فيقدر على إبعاد الدابة منه أو إبعاده عنها، فإذا أهمل ذلك، [صار مفرطاً فضمن ذلك. ولهذا ضمنا السائق كما شاهد بين يديه فيقدر على] إبعاده أو إبعاد الدابة، فإذا لم يفعله ضمن.