29628 - قالوا: قال المزني: إذا تساوت الأشربة قبل حدوث الشدة في الإباحة وتساوت بعد زوال الشدة ولم تختلف أنواعها، كذلك عند حدوث الشدة يجب أن تتساوى في التحريم ولا تختلف باختلاف أنواعها.
29629 - قلنا: السباع والإبل تساووا في الطهارة حال حياتها عند مخالفنا وفي تحريم تناول لحمها، وتساووا بعد الموت في النجاسة والتحريم إذا ذكيت حلت الإبل وطهرت ونجست السباع عندهم ولم يحل لحمها، لأن الشرع اقتضى هذا التفريق، وحرم الله تعالى [السا في الما] الأثمان وجوز القرض وصفته صفة الصرف وإنما يتغير الحكم باللفظ، فلا يمتنع أن يختلف التحريم في هذه الأعيان بالاسم.
29630 - قال بعض من تكلم في هذه المسألة: روى أبو مالك الأشعري أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: (ليشربن أناس من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها). قال هذا المحتج: هؤلاء أصحاب أبي حنيفة، شربوا الخمر وسموها بغير اسمها. وهذا كلام من ظن خصومه لا يرتضون بالشغب عوضًا عن الحجج، ولا يسمعون إلى فضول الكلام، ويجوز [العوام وليته كان] الأمر على ما ظنه في هذا، فلم أمن أحداث الطائفة وبأسها. ومن إذا سلك المنهج أعجزه إدراكه، وما هذا إقدام من يعلم أن القول في تحريم الحلال كالخطل في إباحة الحرام. ثم نقول له: أنت رميت أصحاب أبي حنيفة بهذا الكلام والسلف الصالح أردت أنهم لم يبتدعوا في هذا مذهبًا ولا خرجوا قولًا، بل قالوا [بما قال به] أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - ووجوه التابعين وزهادهم، فظن هذا القائل لعمر وعلي وابن مسعود وعمار بن ياسر وعلقمة والأسود وإبراهيم - رضي الله عنه - أنهم شربوا الخمر غلطًا في اسمها، حتى إذا استدركه عليهم العلم بالعربية وحقيقة [الاسم والحكم]، وأصحاب وغلطوا ويحسن ظنًا بنفسه وسيء الظن ساعة، إن جرأة