وإنما اعتبرت صفته في حال الوجب. ولأنها فرض مؤقت يتسع وقته لفعل أمثاله، فكان له وقت جواز ووقت وجوب، كالزكاة. ولأنها صلاة لا حرج في تأخيرها عن هذا الوقت فلم تكن واجبة، كالعصر في وقت الظهر يوم عرفة.

1620 - احتجوا: بقوله تعالى: {أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل}، فأمر بفعل الصلاة في عموم الوقت، والأمر يدل على الوجوب، فاقتضى وجوبها في أي وقت فعلها فيه.

1621 - والجواب: أن فعل الصلاة لا يجب في جميع الوقت، وإنما يجب في وقت من الجملة باتفاق، وزعم مخالفنا أنه أول الوقت وادعينا أنه آخره، فلم يكن ما يدعيه بأولى مما نقوله. ولا يقال: إن الظاهر اقتضى الفعل في وقت غير معين من جملة هذه الأوقات، ففي أيها فعل كان واجبا؛ لأن الآية إذا اقتضت وجوب المفعول في أول الوقت قلنا به؛ لأن من مذهب أبي الحسن: أن الوجوب يتعين بالفعل وتأخير الوقت.

1622 - قالوا: عبادة على البدن ليس من شرط وجوبها المال، فوجب أن يكون أول جواز فعلها متبوعة وقت الوجوب بها، كالصوم.

1623 - قلنا: تخصيص العبادة بالبدن لا معنى له؛ لأن العبادة المؤقتة في المال والبدن حكم الوقت، والأمر فيها على وجه واحد. ثم جواز الفعل لا يستدل به على الوجوب؛ لأن الوقت قد يجعل وقتا للجواز دون الوجوب، كوقت الظهر للعضر بعرفة، والزكاة في أول الحول. ثم المعنى في الصوم أن وقته مقدر بفعله، فلا يتصور فيه إلا وقت الوجوب، والصلاة يتسع وقتها لإمساك فعلها، فهي كالزكاة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015