في الطهارة -وإن اختلفا في غيرها-، بل حكم النفل في الطهارة أقوى عندهم، ألا ترى: أن من لا يجد ماءً ولا ترابًا يصلي الفرض عندهم دون النفل.

1591 - احتجوا: بما روي في حديث فاطمة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لها: ((دعي الصلاة أيام أقرائك، ثم اغتسلي وتوضئي لكل صلاة -أو: عند كل صلاة)).

1592 - والجواب: أن مخالفنا طعن على هذه الزيادة وزعم أن أبا حنيفة رحمه الله تفرد بها، وأن الجماعة رووا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((ثم اغتسلي وتوضئي))، فلم يصح استدلالهم بزيادة طعنوا عليها. ثم الخبر متروك الظاهر؛ لأن عندهم لا يجب الوضوء لكل صلاة، وليس أحد الإضمارين أولى من الآخر، وقد عارض هذا الخبر خبرنا، وفيه زيادة من طريق النطق، وفي خبرهم زيادة من طريق المعنى، والزيادة من طريق اللفظ أولى؛ لأنها مسموعة.

1593 - قالوا: طهارة ضرورة فلا يؤدي بها فرضين، أصله: إذا صلاهما في وقتين.

1594 - قلنا: الأصل غير مسلم؛ لأنه يجوز عندنا على ما قدمناه، ولأن حكم الوقت والوقتين مختلف في الرخص، ألا ترى أن الماسح إذا بلغ إلى آخر المدة جاز له أن يصلي صلاتين في الوقت، ولم يجز أن يصلي إحداهما في الوقت والأخرى بعد الوقت، وقد اعتبر مخالفونا في هذه المسألة ما خرجوا به من الأصول؛ لأنهم أبطلوا الطهارة بالفراغ من الصلاة، فلو طولها إلى آخر الوقت بقيت الطهارة، ولو خففها في أول الوقت بطلت طهارة في باب الفرائض ولم تبطل في باب النوافل، والطهارة لا يصح أن تبطل من وجه دون وجه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015