فيها رخصة مسح المسافر، فلم تكن مدة لأقل الحيض، أصله: ما دون يوم وليلة.
1540 - احتجوا بقوله تعالى: {ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض}، ولم يفصل.
1541 - والجواب: أن الله تعالى جعل الحيض أذى فاحتاجوا أن يدلوا على أن هذا القدر حيض حتى يسلم لهم الحكم، وهذا كما لو قال: الغريب كريم، لم يدل على أن من عُلِم كريمًا كان غريبًا.
1542 - قالوا: القصد بقوله: {قل هو أذى} بيان صفة الحيض وحقيقته، وهذا كالحد.
1543 - قلنا: قد علم أن من الأذى ما لا يكون حيضًا، والحد لا ينتقض، والحقيقة لا تتعين، فعلم أنه لم يقصد ذلك، وإنما قصد بيان الحكم من قوله: {فاعتزلوا النساء في المحيض}، وذكر الأذى بيانا لعلة الاعتزال، لا لما قالوه.
1544 - قالوا: ذكر الله تعالى الحيض وحكمه ولم يبين قدره، وليس له حد في اللغة، فوجب الرجوع فيه إلى العرف، وقد ثبت معتادًا وجود الحيض يومًا وليلة.
1545 - قال الشافعي: ثبت عندي أن نساءً يحضن يومًا وليلة، فوجب الرجوع إليه.
1546 - قلنا: العادة لا يرجع فيها إلى النادر، وإنما يرجع فيها إلى العام الغالب، وذلك يخالف قولهم. ولأن المرأة الواحدة إذا قالت إنها تحيض يومًا وليلة فإنها تخبر عن رؤية الدم، فأما أن تخبر عن كونه حيضًا فلا طريق لها إليه.
1547 - وقد حكى الدارقطني عن الأوزاعي قال: ها هنا امرأة تحيض عدوة وتطهر عشية. فلو جاز الرجوع إلى ما حكاه الشافعي في الوجود النادر لجاز الرجوع