ولا يلزم: المجنون، لأن الدين يلزمه تابعًا له وإن لم يلزمه بعقوده. يبين ذلك: أن من كانت له ذمة في عين متعلق بها إذا تصرف لحقه من يملك التصرف يثبت بذلك التصرف على الذي في ذمته، كتصرف الوكيل والولي، فلما كان الوارث أو الوصي يبتاع الكفن لمنفعة الميت ولا يثبت ثمنه في ذمته، دل على أنه لا ذمة له.
14834 - ولا يقال: إن الميت تلزمه الديون المبتدأة إذا كان حفر بئرًا في الطريق فوقع فيها إنسان بعد موته، لأن هذا ليس بدين مبتدأ، وإنما يسند إلى الحفر السابق ويصير كالثابت من ذلك الوقت، ولهذا تقوم على الميراث والوصايا، ولو كان حادثًا لم يبطل ما تقدمه من المواريث والوصايا.
14835 - ولأن الموت معنى يسقط مال الكتابة عن المكاتب، فجاز أن يسقط به سائر الديون، كالاسترقاق، وصحة العقد.
14836 - احتجوا: في هذا الفصل بما روي في حديث أنس - رضي الله عنه -، قال: (شهدت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد أتى بجنازة، فقيل له: تصلي عليها، فقال: أليس عليه دين، قالوا: بلى، فقال - صلى الله عليه وسلم -: ما ينفعكم أن أصلي عليه وهو مرتَهَنٌ في قبره به).
14837 - الجواب: أن الدين عندنا يسقط في أحكام الدنيا بسقوط المطالبة ولعدم محله، وهو باقٍ في أحكام الآخرة، والعقوبة تلحقه للتفريط الذي كان منه، فلم يكن في الخبر دليل.
14838 - قالوا: لو برئت ذمته بالموت برئ كفيله الذي يكفل عنه، ولم يصح أن يتبرع متبرع بالقضاء.
14839 - قلنا: إذا كان له كفيل فالدين له محل يتعلق به، وهو ذمة الكفيل،