إلى ذمة، لأن القبض في الأعيان أمكنُ من الديون في الذمم، فإن كان الدين ينتقل إلى العين ويقبض ثم يعود إلى الذمة الأولى، كذلك إذا انتقل إلى ذمة أخرى، والمعنى في الأصل: أن الدين بالفلس يتوى بدليل: أن ذمة المفلس ذمة صحيحة يجوز أن يبتدئ فيها بثبوت نقل ذلك الدين والمطالبة الثانية والدين يتوى متى ذهب محله، فأما مع بقاء المحل فلا يكون تاويًا: ألا ترى: أن المديون لو مات غير مفلس فالدين غير تاوٍ وإن كانت الذمة قد بطلت لبقاء المال، وكذلك إذا ذهب المال وبقيت الذمة، فله محل باق ولا يكون تاويًا، ولهذا المعنى قال أبو حنيفة وأبو يوسف: إن الدين على المفلس يجب فيه الزكاة، وإن كان مالًا ناقصًا سقطت زكاته، وأما إذا مات مفلسًا فلم يبق للدين محل يوجد فيه التوى، فثبت الرجوع.
14744 - فإن قيل: فيجب أن لا يرجع إذا جحده وحلف، لأن محل الدين بحاله.
14745 - قلنا: قد روى عمرو بن أبي عمر، عن محمد في الإملاء: أن التوى عند أبي حنيفة لا يكون إلا أن يموت مفلسًا.
14746 - ولو قلنا بالرواية الأخرى، فبقاء محل الدين يعتبر ليتعلق به الدين، ومتى جحد ولا بينة له وحلف لم يبق هناك دين في الظاهر، فلا معنى لاعتبار محله.
14747 - قالوا: الدين بالحوالة في حكم المقبوض، بدلالة: أنه يجوز التصرف فيه، ويسقط المطالبة عن المحيل بكل حال، ولو كان دراهم بمثلها لم يعتبر فيها القبض فيس المجلس.
14748 - قلنا: أما جواز التصرف: فقد كان ثابتًا لصاحب الدين منها في الذمة الأولى، ولم يكن الدين مقبوضًا، كذلك في الذمة الثانية جواز التصرف لا يدل على