955 - قلنا: الطلب عندنا ليس بواجب، والتفريط إنما يكون في ترك ما وجب عليه، ولأن النسيان سبب يحول بينه وبين استعمال الماء، كمنع الغير وعدم الآلة التي يستقى بها، فإذا جاز سقوط فرضه بالتيمم في أحد الموضعين، كذلك الآخر.
956 - قالوا: الممنوع من جهة الغير يسقط فرضه، والثاني: ممنوع من جهة نفسه فلم يسقط فرضه، كمن نسي الركوع والسجود.
957 - قلنا: الناسي ممنوع من جهة الله سبحانه، فهو كالمريض الممنوع من جهته.
958 - ولأن النسيان لا يسقط الوضوء بنفسه ويسقط بانضمام السفر إليه.
فالمواضع التي ألزموها لم يوجد فيها إلا مجرد النسيان.
959 - احتجوا: بقوله سبحانه: {فلم تجدوا ماءً فتيمموا}.
960 - والجواب: أن الوجود المراد بالآية هو القدرة على الاستعمال من غير مشقة، وهذا لا يوجد فيما نسيه. ولا يوصف بأنه واجد له وإن كان موجودا، كما أنه ليس بواجد لماء البئر إذا عدم الرشاء، أو حال بينه وبينها سبع، وإن كان الماء موجودًا فيها.
961 - قالوا: العرب تقول إن الناسي واجد.
962 - قلنا: لا نسلم هذا، ألا ترى أنه يتصور منه الطلب ويستحيل أن يطلب ما هو واجد له.
963 - ولا يقال: إن الوجود ضده العدم؛ لأن الوجود إذا كان المراد به حصول العين فضده العدم، وإذا كان المراد به التمكن فضده العجز. وقد بينا أن المراد بالآية: التمكن من الماء، لا وجوده مشاهدة.
964 - قالوا: الطهارة بالماء شرط من شرائط الصلاة، فلم يسقط فرضه بالنسيان، كما لو نسي القيام فصلى قاعدًا، أو نسي الستر.
965 - قلنا: نقول بموجب العلة؛ لأن الفرض لا يسقط بالنسيان، وإنما حفظ به وبالسفر، ولأن ترك الكلام شرط من شرائط الصلاة، وقد سقط عندهم بالنسيان.