يسمى افتراقًا كما يسمى الافتراق بالأبدان، بدلالة (أنه يقال للمجتمعين في مكان واحد، أو المفترقة أقوالهم في شيء: افترقوا، كما يقال: اختلفوا. وقال الله تعالى: {وما تفرق الذين أوتوا الكتاب}. وقال عليه الصلاة والسلام: (تفترق أمتي نيفًا وسبعين فرقة).

10564 - وإذا تناول اللفظ أمرين وجب حمله على أولهما، وهذه فرقة الأقوال؛ لأن قوله: (حتى يفترقا) إذا حملناه على [هذا حملناه على] ما جري له ذكر، وإذا حملوه على المجلس حملوه على ما لم يجز له ذكر.

10565 - ولأن الخيار ما وقف على رأيهما، وما نقوله من التتابع يعود إلى فعلهما، واختيارهما. وما يقولونه من التفرق بالأبدان لا يعود إلى رأيهما. ألا ترى: أن أحدهما لو أراد أن يفارق الآخر ليتم العقد لم يقدر على ذلك؛ لأن الآخر قد يقوم معه.

10566 - فإن قيل: حقيقة التفرق تفيد تباعد الأشخاص.

10567 - قلنا: لا نسلم ذلك، بل قد بينا أن التفرق يطلق في الأقوال، والأصل في الاستعمال الحقيقة.

10568 - فإن قيل: التفرق ما كان عن اجتماع، وذلك يوجد في تفرق الأبدان دون الأقوال.

10569 - قلنا: ويؤثر أيضًا في الأقوال؛ لأن المتفقين على قول واحد إذا اختلفا فقد تفرقا بعد اجتماعهما. وفي مسألتنا: اتفقا على التساوي ثم افترقا، فصارا باتفاق [متبايعين]، وانتقل إلى كل واحد منهما ما كان على ملك الآخر فافترقا بهذا المعنى بعد الاجتماع.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015