يعلموا به، وهذه طريقة صحيحة؛ لأن حديث عدي بن بركة عمل به أهل المصر، وعمل العلماء أولى أن يرجع إليه من خبر واحد يجوز أن يكون على غير ظاهره، وقد عارض ظاهره أخبار متفق على استعمالها، وهو نهيه عليه [الصلاة] والسلام: عن بيع الطعام حتى يجري فيه الصاعان. وقوله من باع عبدًا وله مال فماله للبائع إلا أن يشترط المبتاع.
10537 - وقد تمسك أبو يوسف بما روى عنه بشر بن الوليد من تأويل هذا الحديث أنه محمول على المشترى إذا ساوم، فقال: بعني هذا العبد بألف. فقال البائع بعتك، فكل واحد منهما بالخيار، إن شاء البائع رجع عن الإيجاب وإن شاء أقام عليه، والمشترى بالخيار، إن شاء قبل وإن شاء لم يقبل، فإذا افترقا عن مجلسهما بطل خيار كل واحد منهما، وهذا تأويل صحيح لأن حقيقة المتابعين المشتغلان بالبيع كالمتفاعلين/، وإن تم البيع فقد يقضى بينهما بالاسم، فهما مجاز لأنهما كانا متبايعين وعمل اللفظ على الحقيقة أولى، وإلى هذه الطريقة ذهب عيسى بن أبان.
10538 - قلنا هذا قول ترده اللغة والشرع؛ لأن في اللغة من لم يوجد منه الفعل لا يسمى فاعلًا، وفي الشرع لو قال لعبده: إن بعتك فأنت حر، فقال له المشترى: بعني، فقال بعتك، لم يعتق.
10539 - قلنا: أما اللغة فقد وجد من كل واحد منهما لفظ البيع، وذلك بيع لفظي، والاسم تابع لما يفعله أهل اللغة دون الأحكام الشرعية.
10540 - ثم أهل اللغة لا يقولون فاعلًا بعد انقضاء فعله، إلا مجازًا، بمعنى: كان فاعلًا.
10541 - وأما الشريعة فإن الأيمان محمولة على العرف لا على مطلق الاسم، وسقط هذا.
10542 - قالوا: لا حقيقة لهذا الاسم بحال؛ أما في العقل، فإنما يقال: كانا متبايعين، وحال تشاغلهما بالعقد مجازًا أيضًا؛ لأن البائع إذا أوجب البيع لا يقال: