المرض الثاني: الفرقة بين المسلمين، وهي عكس الوحدة بين المسلمين، وكما كانت تتصارع الأقليات الإسلامية أيام التتار وجلال الدين يعيش فساداً في بلاد المسلمين، بينما جيوش التتار تقبع على بعد خطوات قليلة جداً منه، كذلك نرى الآن الخلاف والشقاق يدب بين كل بلاد المسلمين تقريباً، وقلما تجد قطرين إسلاميين متجاورين إلا ووجدت بينهما صراعاً على حدود، أو اختلافاً على قضية، فقد انشغل المسلمون تماماً بأنفسهم، وتركوا الجيوش المحتلة تعربد في ربوع العالم الإسلامي، وجعلوا همهم التراشق بالألفاظ والخطب، وأحياناً بالحجارة والسلاح مع إخوانهم المسلمين، ولا شك أن التنازع بين المسلمين قرين الفشل، كما ذكر ربنا ذلك في كتابه بوضوح فقال: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} [الأنفال:46]، فهذا مرض من الأمراض الخطيرة التي نراها بأعيننا، وهي تفسر لنا تمكن الأمريكان وغيرهم من بلاد المسلمين.