بدأ الإعصار التتاري الرهيب على بلاد العالم الإسلامي، وجاء جنكيز خان بجيشه الكبير في الهجمة التتارية الأولى لغزو مملكة خوارزم شاه، وخرج له محمد بن خوارزم شاه بجيشه أيضاً، وكان هذا في سنة (616هـ)، أي: بعد ثلاث عشرة سنة فقط من قيام دولة التتار- فدولة التتار بدأت في منغوليا في جزء صغير جداً منها سنة (603هـ)، ولم تأت سنة (616هـ) إلا وكانت قد احتلت تقريباً كل شرق آسيا، ولم يبق غير الدولة الخوارزمية، والتقى جيش التتار مع جيش محمد بن خوارزم شاه في شرق الدولة الخوارزمية أو في غرب الصين، واستمرت الحرب أربعة أيام متصلة في شرق نهر سيحون، المعروف الآن باسم نهر سرداريا، والواقع في دولة كازاخستان المسلمة، فقتل من الفريقين خلق كثير، واستشهد من المسلمين في هذه الموقعة عشرون ألفاً، ومات من التتار أضعاف ذلك، ثم تحاجز الفريقان، وبعد أن تحاجز الفريقان انسحب محمد بن خوارزم شاه بعد أن وجد أن أعداد التتار هائلة، ثم ذهب إلى تحصين المدن الكبرى في مملكته وبالذات العاصمة أورجندة، وانشغل بتجميع الجيوش من أطراف مملكته، وقد كان منفصلاً ومعادياً للخلافة العباسية في العراق، ولغيرها من الممالك الإسلامية، فلم يكن على وفاق مع الأتراك، ولا مع السلاجقة، ولا مع الغوريين في الهند، فقد كانت مملكته منعزلة عن بقية العالم الإسلامي، ووحيدة في مواجهة الغزو التتري المهول، وهذه المملكة وإن كانت قوية وكبيرة، وثابتة في أول اللقاءات، إلا أنها لن تصمد بمفردها أمام الضربات التتارية المتوالية بلا شك.