وأمّا مذهبُ الفَرّاء فحجّته أنّه وَجَدَ الحركات قبل هذه الحروف، وهذه الحروف تَختلفُ باختلافِ العاملِ، فكانا جميعاً إعراباً.
وهذا فاسدٌ لثلاثةِ أوجهٍ:
أحدُها: أنّ الإِعرابَ حاصلٌ عن عاملٍ، والعاملُ الواحدُ لا يعملُ عملين في موضع واحدٍ.
والثاني: أن، الإِعرابَ يفرّق بينَ المعاني، والفَرق يحصل بعملٍ واحدٍ، فلا حاجةَ إلى آخر.
والثالثُ: أنّه يُفضي إلى أن تكون الكلمةُ كلُّها علامات الإِعرابِ وهو قولك: ((فُوك)) و ((ذُو مالٍ)) فإِنَّ ضَمَّة الفاء والذَّال والواو بعدهما هو كلّ الكلمة، فإذا كان ذلك إعراباً فأين المعرب؟ ولا يصح قياسه على قولهم هذا أمرؤٌ ورأيت امرأً ومررت بامريءٍ، فإنَّ الرّاء والهمزةَ تختلفُ حركتهما، لأنّا نقول حركة الراء تابعة لحركة الهمزة، وليست إعراباً، كما أنّ الحركةَ قبلَ حروفِ المدِّ تابعةُ لها وليست إعراباً، والله أعلمُ بالصَّوابِ.