ذلك أنّ النُّفوس تأنس بثبوتِ الحكمِ لِعلّةٍ فلا يَنبغي أن يَزول ذلك الأُنس، ونظيرهُ في التَّصريفِ أنّ الواوَ في مستقبلِ وَعَدَ ووَزَنَ حُذفت منه لوقوعها بين ياءٍ وكسرةٍ نحو يَعِد، ثمّ حذفت مع بقيّة حروف المضارعة مع عدمِ العِلَّةِ ليكون البابُ على سَننٍ وله نَظائر أُخر.
واحتجَّ من قالَ: ((هي بدلٌ في الأحوالِ الثلاث)) أنّ العلَّة في إبدال التَّنوين ألفاً في النَّصب فتحةُ ما قبلها نحو رأيتُ زيداً وتنوين المقصورِ قبله فتحة فيجبُ أن تُقلب ألفاً، وهو في المقصور آكدُ؛ لأنَّ فتحةَ ما قبلَ التَّنوين لازمةٌ والفَتحةُ في الاسم الصَّحيحِ غيرُ لازمةٍ.
واحتجَّ من قالَ: ((هي لامُ الكلمةِ في كلِّ حالٍ)) أنّ أحكامَ الأصالةِ ثابتةٌ، وحكمُ الإبدالِ منتفٍ، فوجبَ أن يُحكمَ بالأصالةِ كبقيّةِ الأَحكام، وبيانهُ أنّ حكمَ اللاّمِ أَن تَقَعَ رويّاً في الشّعرِ، والأَلفُ في المَقصورِ المَنصوبِ قد وَقَعَتْ رويّاً كقول الشاعرِ:
إِنَّكَ يا بنَ جَعْفَرٍ خيرُ فَتى
ثمّ قال:
ورُبَّ ضَيْفٍ طَرَقَ الحَيَّ سُرى ... صادَفَ زَادًا وَحَدِيْثاً مَا اشْتَهى
إِنَّ الحَدِيْثَ طَرَفٌ مِنَ القِرى