فالجوابُ عن الفرقِ من وجهين:
أحدُهما: أنَّ الفرقَ غيرُ محصورٍ في جهةِ اللّفظ بل هو مقصودٌ في أحكامٍ أُخر، وذلك موجود هنا.
وبيانه أنّا إذا جَعلنا الألفَ في الرّفَعِ والجَرِّ لام الكلمةِ كُتب ما أَصله الياء بالياء، وما أصله الواو بالألف، فالواو نحو ((عَصا)) و ((عَلا))، والياء نحو ((رحَى)) و ((هُدى))، والكنايةُ ضربٌ من أقسام الموجودات ويستدلُّ بها على الأصولِ فالفرق فيها نافعٌ، ومن الفروق إمالة اللاَّمِ في موضعٍ تجوزُ [فيه] الإِمالة نحو هذه رحىً وانتفعت بُهدَى، وهذا فرقُ لفظيُّ وكذلك وقوعها رويّاً على ما نذكره من بعده.
والوجه الثاني: أنّ الحكمَ إذا ثبت لعلّةٍ اطّرد حكمها في الموضعِ الذي امتنع فيه وجودُ العلّةِ، ألا تَرى أنّك ترفعُ الفاعلَ، وتنصِبُ المفعولَ في موضعٍ يُقطَعُ بالفرق بينهما من طَريقِ المعنى لو قلتَ: ((ضربَ الله مثلاً)) فإنّكَ ترفعُ وتَنصبُ مع أنَّ الفاعلَ والمفعولَ معقولٌ قَطعاً ونظيرُه من المَشروع أنَّ الرَّمل في الطَّواف شُرِعَ في الابتداء لإِظهارِ الجَلَدِ ثُمَّ زَالت العِلَّة وبقيَ الحكمُ، وهذا ينزعُ إلى معنى صَحيحٍ، وهو أنَّ الأصلَ أنّ الحكمَ لا يُعلَّلُ بعلّتين، فإذا ثَبَتَ الحكمُ في الابتداءِ بعلَّةٍ ثمّ زالت العلّة وزوال حكمها كان كالتعليلِ الحكمِ بعلّتينَ، ومثلُ ذلك العُدَّة عن النِّكاحِ تُعلّل ببراءَة الرَّحمِ، ثمّ يثَبت في موضعٍ يستحيلُ فيه شَغلُ الرّحمِ، وسببُ