بيانه: أَنَّ قولَك: يا زيدُ زيدُ هو مخاطَبٌ مواجَهٌ، والخطابُ معنى، والأصلُ في المعاني الحروف، وذلك الحرف هو الكاف في نحو: ((ذَلك)) و ((أُولئك))، و ((إيّاك))، و ((رأَيتُكَ))، وإذا وَقعَ الاسمُ موقِعَ الحَرفِ بُني، وإن كانَ واقعًا موقعَ الاسمِ المُضمَرِ فهو علّة أيضاً. ألا تَرى أنَّ التَّقدِيرَ في قولك: يا زَيْدُ يا أَنْتَ كما قالَ الشّاعِر:
يا أبجر بن مُرّةٍ يا أَنتا ... أنتَ الذي طَلَّقْتَ عامَ جِعْتا
واحتجّ الفَراءُ بأنّه إذا جازَ أن يُبنى الاسمُ لوقوعِه موقِعَ المُضمر فبناؤُه من أَجل الصَّوتين المكتنِفَين له بطريقِ الأَولى، وبعدَ حذفِ الأَلفِ صارَ بمنزلةِ قبلُ في حذفِ ما الأصلُ ثبوُته.
والجوابُ: أمَّا علةُ البناءِ فموجودٌ على ما ذكرنا قولهم: (أن البناء كان لشبه المنادى بـ ((قبل))، وبعد ومن حيث بنينا بني) وأكثر ما فيه أن ما ذكروه يصلح للبناء، ولا ينفي صلاحية ما ذكرنا على أن ما ذكروه باطل بالمنادى المضافن وبأن المندوب بني قبل لحوق الألف، وإنما فتح من أجل الألف، فإذا لم تكن بقي على ما كان عليه. والله أعلم [بالصواب].