الابتداء، والمُبتدأ يَحتاج إلى خبرٍ، وأفضلُ هو الخبرُ، و ((لا)) على هذا كجزءِ من الكلمةِ فلا تكونُ عاملةً في الخبرِ.
فإن قيلَ: إذا جازَ أن تعملَ لا في اسمها مع أنَّها في حكمِ الجزءِ جازَ أن تعملَ في الخبرِ. قيلَ في الاسمِ من حيثُ هي حرفٌ مشبّهٌ بغيرِهِ من الحروفِ، فأمَّا موضعها مع اسمها فرفعٌ؛ لوقُوعهما موقعَ الاسمِ المفردِ، والخَبرُ واقعٌ عنهما، وهذا مَعنًى غيرُ الإِعرابِ، ألا تَرى أن قولَكَ: ((ما جاءني من رجلٍ)) الإِعرابُ فيه على غيرِ المَوضِعِ فـ ((رَجُلٍ)) مجرورٌ و ((من رَجُلٍ)) في موضعِ الفاعلِ ولذلك جازَ في الصّفةِ الجرّ على اللّفظ والرَّفع على الموضعِ كقولهِ تَعالى: {ما لَكُمْ من إلهٍ غَيْرِهِ} و ((غيرُهُ)) بخلافِ ((إنّ)) لا موضعَ لها ولاسمها حتى يُحملَ الخَبَرُ عليه.
والوجهُ الثاني: أنَّ ((لا)) عاملٌ ضعيفٌ إذا كان فرعَ فرع فرع ولَيس عمله بلازمٍ، ولا هو أَصْلاً بنفسه، فعندَ ذلك لا يَقوى على العملِ في الخبر. ونظيرُ ذلك ((إنْ)) الشَّرطِيَّة فإنَّها لا تَعملُ في الجوابِ عندَ جُمهورِ النَّحويين، وكذلك قالَ بعضُ البَصريين في خبرِ المُبتدأ يعملُ فيه الابتداء والمُبتدأ لما كانَ الابتداءُ ضَعِيْفاً.
وشبهة أَبي الحَسَنِ: أن ((لا)) تَقتضي اسمين وقد عَمِلت في أحدِهما فتعمَلُ في الآخر كـ ((إنّ)).
والجوابُ عنه ما ذكرناه من الوَجهين المُتقدمين. والله أعلمُ بالصَّواب.