إحدَاها: أنّ خبرَ ((إن)) قد يكونُ فِعلاً يَنْتَصَبُ بغيرِها كقول الشاعر:
لا تَتْرُكَنّي فِيْهُمُ شَطِيْراً ... إِنّى إذاً أهلَكَ أو أُطِيْرَا
فنصَب ((أهلك)) بـ ((إذاً))، ولو كان الفِعل خبراً لم يعمل فيه ((إذاً)) كما لو قُلتَ: أنا إذاً أُكرمك.
والمسألةُ الثانيةُ: قولهم: ((إنَّ بكَ مأخوذُ)) فألغاها وأَدخلها على حرفِ الجرِّ ولم يَنْصِبْ بها زيداً وكذلك قَولهم: إن فيك راغب زيدٌ وإن بك يكفل عَمرو وإذا أُلغيت ولم يُلغَ الفِعْلُ بانَ ضَعْفُها في العملِ، ويَدُلُّ على ذلِكَ تقديمُ مَنصوبها على المَرفوع إيجاباً بخلافِ الفِعْلِ.
والجوابُ: أمّا كونُها فرعاً في العملِ فَمُسلّمٌ، ولكن لا نُسلم أنَّ أثرَ الفَرعِيّة أبطلَ عَمَلَها في الخَبَرِ، وذلك أن عملَها مَبْنِيّ على الاقتضاءِ وقد بَيَّنا أنَّ الاقتضاءَ تامٌ، فأمَّا الضَّعْفِ فيظهَرُ في أشياءَ منها تقديمُ المَنصوبِ على المرفوعِ إيجاباً وذلك أَثَرُ الضَّعفِ، وكذلك في أَحْكامٍ أُخَر، ألا تَرى أنَّ ضَعْفَها لم يَسْلِبْ عَمَلَها النَّصبَ ولا يُقال: يَنْبَغي ألاَّ تَعمل لَيَظْهَرَ أَثَرُ الضَّعف، بل يُقال: أثرُ الضَّعْفِ إذا ثبتَ في مواضعَ أُخر كفى، ألا تَرى أن المصدرَ يعملُ عملَ الفعلِ، ولا يجوزُ تقديمُ معمولِهِ عليه، وكانَ ذلك كافياً في ضَعْفِهِ ويدلُّ عليه أنَّ أسماءِ الفعلِ نحو ((نَزَالِ)) و ((تَرَاكِ)) أَضعفُ