المَسلَكُ الثَّاني: هو أن خبرَ إنَّ مرفوعٌ، ولا رافعَ إلا أنَّ فكان الرَّفعُ منسوباً إليه، وبيانهُ أن الرَّفع لا يخلو، إما أن يكونَ بما كانَ مرفوعاً به قبلَ إن أو بـ ((إن)) والأول باطلٌ، أما عندنا فإنَّ الخبرَ مرفوعٌ إما بالابتداءِ، أو بالمُبتدأ، أو بهما وقد بَطل ذلك لدخولِ إن، فأمَّا عندهم فالخَبرُ مرفوعٌ بالمبتدأ والمبتدأ بالخبرِ وقد بيَّنا ذلك في مسألةِ العامِلِ في المُبتدأ والخبرِ، وإذا بَطَلَ ذلك تَعَيَّن العَمَلُ ل ((إنّ))؛ إذ العَمَلُ لابدَّ له من عاملٍ.

فإن قيل: أما المَسلَكُ الأَوَّلُ فاعتِمادكم فيه على الاقتِضَاءِ، والاقتِضَاءُ على حَسَبِ المُقْتَضِي، والمُقْتَضِي هُنا حُروفٌ، والأَصلُ في الحُرُوفِ ألاّ تَعْمَلَ وإنَّما أُعملت لضربٍ من الشَبهِ، والمُشابِهُ للشيءِ لا يَعمل عَمَلَهُ من كلِّ وَجْهٍ إذ كانَ فرعاً، والفروعُ عن الأُصولِ، فاقتِضَاؤُها ضَعِيْفٌ يُناسِبُهُ عَمَلٌ واحدٌ، فأما العَمَلانِ فلا يَثْبُتُ إلاّ بعاملٍ قَوِيٍّ.

وأمَّا المَسْلَكُ الثَّاني: فنقولُ: العاملُ في الخبرِ معنى الابتداءِ فإنَّه باقٍ بعدَ دُخُولِ هذه الحُرُوفِ، والمَعنى جازَ أن يَعْمَلَ ألا تَرى أنَّك إذا عَطَفْتَ على اسمِ كأنَّ ولَعل كان لَك أن تَنْصِبَ حملاً على الاسمِ ولا ترفع حملاً على نفسِ الابتداءِ، ولكن ترفعُ على عاملٍ آخر، كذلك هاهنا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015