والخامسُ: أنَّه لا يكون منها مُستقبلٌ ولا أَمرٌ فخالَفت بذلك بَقِيّةَ أَخواتها.
والسادسُ: أنَّ ضميرَ المُخاطبِ والمُتكلِّم إذا اتّصلَ بها لا يُكسر أَولها ولَيس كذلك باعَ، لأنَّك تقول فيه بِعْتُ، ولا تقول هنا لِست.
وكلّ هذه الوُجوه تدلُّ على انحطاط رُتْبتها عن رُتْبَةِ ((كان)) وشبهها ب ((ما)) فتكونُ فرعاً عليها، والفروعُ عن الأُصولِ ولا يَبين أثرُ النُّقصان إلا بمنعِ التَّقديمِ.
والجوابُ: قولُهم: إنّه لفظٌ ينفي ما في الحالِ. قُلنا: كونها لفظاً، اللّفظ العامُّ الذي هو الجِنْسُ، وذلك يَدْخُلُ الاسم والفعل والحرف والعملُ لا يَنْتَسْبُ إليها بكونِها لَفظاً، بل بكونِها فعلاً، وهو وَضعها الخَاصُّ، وبذلك تَنْفَصِلُ عن ((ما)) فَيَنقَطِعُ إلحاقُها بها، بل هي أصلٌ ل ((ما)) والأَصلُ لا ينعَكِسُ ويَصِيْرُ فرعاً لِفَرْعِهِ. قولُهم: القياسُ في ((لَيس)) ألاَّ تَعمَلَ لا نُسلم بل القِياسُ أن تعملَ؛ لأنَّ ((ليسَ)) فعلٌ تَتّصِلُ به الضَّمائِرُ المَرفُوعَةُ والمَنْصُوبَةُ فهي في ذلك ك ((كانَ))، ويلزمُ من ذلِكَ جوازُ التَّقدِيْم. قَولهم: إِنَّها قُصُرَتْ عن ((كانَ)) قُلْنا: لا نُسَلِّمُ قُصُورها عنها في العملِ؛ لأنَّ عَمَلَهَا منسوبٌ إلى كَونها فِعلاً فهي في ذلك ك ((كان))، وإنّما لم تَتَصَرّف لما أرادوا بها نَفْي ما في الحالِ فَجُمودها كَجُمودِ ((نِعْم)) و ((بِئْس)) وفِعْلِ التَّعجُّب، و ((عَسى)) وأما كونُها حرفًا فقد أبطَلناه فيما سَلَف، وأما إلغاؤُها فلا يصحّ والحكايةُ محمولةٌ على أنَّه جَعل فيها ضميرَ الشأنِ، فلذلك رفع الجملةَ بعدها، وكذلك قولهم: ((ليسَ الطيبُ إلا المِسْكُ)) وقد سبق ذكره، وقولهم في الحكاية ((ليسي)) فمن الشُّذوذِ الذي لا يُعَوَّلُ عليه، كما أنّه جَعَلَ الإِغراءَ للغائبِ في قوله: ((علَيه)) وبابُ ذلك أن تقولَ: عليَّ كذا أو عَلَيْكَ.