ذهب الأخفش إلى أنه موصول حقيقة، وتقديم الصلة على الموصول لا يجوز.
أما حُجَّة الآخرين فقد تمسَّكوا بأشياءَ:
أحدُها: أنّها لَفظٌ يَنفي الخبرَ فلم يَجُزْ تقديمُ مَنصوبه عليه ك ((ما)) وبيانه: أن قولَك: ليسَ زيدٌ قائماً ينفي قيامه في الحال كما أن قولك: ما زيد قائماً كذلك، وإذا أشبهت ((ما)) في النَّفي وَجَبَ أن تُحمل عليها في منع التَّقديم، ألا تَرى أنَّها لما أشْبَهَت ((لَيس)) أعملها أهلُ الحجازِ عملَ ((ليسَ)) فكذلك إذا أشبهتها في النفي مُنعت من التّقديم وهذا أَولى وذلك أن ((لَيس)) القياسُ ألاَّ تعمل كما أن القِياس في ((ما)) كذلك فإذا مُنِعت من التقديم كانت حملاً على الأصلِ، وكان تَأخُّر المنصوبِ عنها جارياً على خلافِ القِيَاس.
والوجهُ الثاني: أن ((لَيس)) قد تَوَهَّنت ونَقَصَتْ عن الفعلِ الحَقِيْقِيّ من وجوه.
أحدُها: أنَّ بعضَ النَّحويين جَعَلَها حرفاً مَحْضاً، ولَيس كذلك كانَ وأَخواتها.
والثاني: ما حَكى سيبويه: عن بَعضهم أنّه أَلغاها عن العَمَلِ فقالَ: ليسَ زيدٌ قائمٌ.
والثالث: أن بعضَ العَرَبِ أَدخل عَليها ياءَ المُتَكَلّمِ من غيرِ نونِ الوقايةِ فقالَ: عليه رجل ليسي، ولو كانت فعلاً حقيقةً لقالَ: لَيْسَنِي.
والرابعُ: أن بعضَ العربِ لم يُحَمِّلْها ضَميراً فقالَ: ليس الطيبُ إلا المِسْكُ.