والوجه الثالث: أنا نقدر تجرد ((ليس)) عن ضمير ولكن هذا لا يخرجها عن أن تكون فعلاً لفظياً، ألا ترى أن كان وأخواتها أصلها أن تكون دالة على الحدث ثم خلعت دلالتها عليه وبقيت دلالتها على الزمان، وقد يأتي لفظ ((كان)) زائداً فلا يدل حدث ولا على زمان، فغير ممتنع أن يأتي لفظٌ ((ليس)) وهي فعلٌ لفظاً، وقد زال حكمها في الإِعراب دون دلالتها على النفي؛ لأنه إذا جاز أن تزاد ((كان))، ولا علة له في اللفظ، ولا دلالة على حدث ولا زمان كان ذلك في ليس أولى؛ لأنها وإن ألغيت عن العمل فنفيها باقٍ.

قولهم: الفعل موضوع للإثبات، جوابه من وجهين:

أحدهما: لا نسلم ذلك مطلقاً، فإن منها ما يدلُّ على النفي فقط، مثل أمسك عن الفعل، وكف عنه، وترك، وصام، فإنَّ ذلك كله يدل على النفي، وهي أفعال بلا خلاف.

والثاني: نُسلم ذلك ولكن نقول: نحن لا نثبتها فعلاً حقيقياً بل هي فعلٌ لفظيٌّ يَجري عليه حكم الحقيقي في العمل، قولهم: لو كان فعلاً لكانت على أحد الأمثلة قلنا: هي في الأصل على مثال ((فَعِلَ)) بالكسر ولكن سكنت كما كان ذلك في قولهم: ((صَيْد البعير)) وأصله

طور بواسطة نورين ميديا © 2015